الأحد، ديسمبر 25، 2011

ما اشبه الليلة بالبارحة

ليس غريبا ما يتعرض له الدعاة والعلماء وما يتعرض له الاسلاميين من هجوم شرس وحرب لا هوادة فيها ، فالناظر الى التاريخ الاسلامى بل والى سير الانبياء والعلماء يعلم تماما ان هذه هى الضريبة التى يدفهعا كل من يتصدر لامر الدعوة الى الله تعالى داعيا الناس الى ما يرضى رب الناس والى ما يخالف اهوائهم ونفسوهم الامارة بالسوء .
وحقيقة الامر ان ذلك الهجوم المنظم احيانا والعشوائى فى احيان اخرى ليس وليد الساعة بل هو منذ ان بدأ الله ارسال الرسل والانبياء مبشرين ومنذرين ، وان من يتولى الهجوم عليهم اسليبهم وطرقهم والياتهم واحدة لا تتغير ولا تتبدل بتغير الزمان بل ان الذى يتغير هو المسميات فقط ، حتى ظهرت فى زماننا المعاصر مسميات من قبيل ( العلمانيين والليبراليين والشيوعيين والديموقراطيين ) وهم كلهم على اختلاف مناهجهم ومنطلقاتهم الا انهم واحد ( فالكفر كله ملة واحدة ) والناظر الى حقيقة هذه الايديولوجيات والافكار يجد انها لم تات بجديد بجديد بل انها مبنية على خلفيات قديمة جدا منها بعض الافكار من الهندوسية وبعضها من المجوسية وبعضها من المسيحية وبعضها من اليهودية وبعضها من مبادىء بوذا وبعضها من مبادىء كونفيشيوس ، اى انها خليط وهجين من كل هذه العقائد والايديولوجيات ، ولكنها ظهرت اخيرا بثوبها الجديد ( القديم ).
واذا نظرنا الى حقيقة الهجوم الشرس والحرب الضارية على كل ما هو اسلامى  نجد ان الحجج التى يسوقها متبنى هذا الهجوم والقائم عليه هى نفس الحجج الذى ساقها من كان قبله واسلافه من الكفار والمنافقين . بل وانه لينتهج نفس النهج ونفس الاسلوب وبنفس الطريقة والتمرحل الذى اتبعه القدماء منهم.
وسوف احاول هنا ان اذكر بعضا من هذه الحجج والاساليب التى عادت للظهور مؤخرا ومقارنتها بما حدث ايام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام .

ـ ان من اهم ما يعتمد عليه هؤلاء هو التكذيب والتخوين فاذا فشلوا فى هذا قاموا بالتشكيك فى كل ما يقدمه الاسلاميين ، علما منهم ان الاسلام متمكن ومتجذر فى القلوب وتسانده الفطرة التى فطر الله الناس عليها ، فلا يتجرأون على مهاجمة الاسلام بشكل مباشر لانهم يعلمون انها حرب خاسرة لا محاولة ، بل يعمدون الى التشكيك فيما يقدمه الاسلاميين والتحقير من شانهم فى محاولة الى ابعاد الناس عنهم او على الاقل حتى يتنظر لهم العامة بنظرة الشك والريبة ، وذلك لاسقاط الرمز فاذا تحقق هذا سقط ما يتبناه الرمز بالتأكيد .
وما يشابهه هذا ما قام به الكفار من تكذيب سيدنا محمد صراحة ، وكان اول من كذبه هو عمه ( ابو لهب ) من لحمه ودمه وهو عصبه ، وكان اولى الناس به ، فى اشارة ربانية الى انه لايجوز ان نركن للمنافق حتى لو كان ذا قربى ، وانه ليس بمستغرب او مستبعد ان يخالفنا فى عقيدتنا من هم من ابناء جلدتنا . وياتى تكذيب المصطفى عليه السلام بعد دقائق قليلة من شهادة الجميع له بانه الصادق الامين ، وبما ان هذه المحاولة لن تفلح ، فقد عمدوا الى الاضهاد والمصادرة على حرية الراى والتعبير ورمى اتباعه بالباطل والفرى ، حتى انهم رموه هو شخصيا باى هو وامى بالباطل والفرى ، فارادوا ان يحقروا من شانه بين العامه وان يحذروا بعضهم بعضا منه واصفين اياه بانه كاهن تاره وانه ساحر تاره وانه مجنون تاره وانه ياتى باساطير الاولين تاره ، وغير هذا كثيرا ، واخذوا يحذرون الناس فى الجزيرة العربية ، منه ومن سحره وجنونه وشططه وانه يفرق بين الزوج وزوجته ويفسد علينا عبيدنا الى اخره من سائر الافتراءات والاكاذيب التى لا دليل عليها مطلقا سوى انهم يشدون اذر بعضهم بعضا اما لقرابة او مصالح مشتركة او لصداقة او ما شابهه .
حتى وصل الامر الى اليمن ، وكان فيهم الطفيل بن عمرو الدوسى الذى اراد يوما ان يحج البيت الحرام ويطوف به وبالاصنام ولما حزم حقائبه حذره اهله وبنى عشيرته من بنى دوس من الرسول وقالوا له انك ستلقى رجلا كاذب يدعى النبوة اياك ان تسمع له والا سيفتنك ، وهنا لنا وقفه قبل ان استكمل ، وهى فى الحقيقة آفه عظيمة اصيبنا بها جميعا من حيث لا ندرى ، فما اسهل تناقل الاشاعات وما اسهل ان ياكل بعضنا لحم بعض بالغيبة والبهتان ، انهم يحذرونه بالا يسمع منه !! اى انهم يريدون المصادر على حق الاخر فى الدفاع عن نفسه وتقديم ما يفيد صحة موقفه ، انهم لا يريدون ان يظهروا بانهم هم الكاذبين وانهم هم المخطئين ، ومن اجل هذا لا تسمع منه بل اسمع عنه ما نقوله نحن ، ولهذا فانه لا يجوز لامرىء يؤمن بالله واليوم الاخر ان يتخذ موقفا من اخيه لمجرد انه سمع عنه ما سمع حتى لو كان من ابيه وامه لا من مجرد اناس اصابهم العته ويحسبون انهم يحسنون صنعا ،
المهم ان الطفيل سمع من اهله ما سمع وعقد العزم على تنفيذ نصيحتهم ولكن يابى الله الا ان يحقق له النجاه ، فقد كان يطوف بالكعبة وصادف ان الرسول كان يصلى هناك ويقرا القرآن بصوت هادىء ، فسمع الطفيل ( منه ) بعد ان سمع ( عنه ) ولكنه لم يزل متاثرا بما سمع عنه فقام بسد اذنيه حتى لا يسمعه ، ولكن مرة اخرى تابى ارادة الله الا انه ينجيه من هلاك عظيم ، فاذا بصوت النبى يخترق اذنه كان لم يسددها اصلا ، ثم وجد نفسه يقترب دون ان يشعر منه رويدا رويدا ، ثم دار بينهم حديثا لم يلبث الا ان اسلم الطفيل فى الحال وعاد الى اهله داعيا ، ثم يتكرر الحال من اهله الذين يرفضون ما اتى به من هدى / ويصدونه ويقولون له سحرك محمد ، فعاد الطفيل الى النبى غاضبا وقال له يا رسول الله ادع على بنى دوس فانها تابى الدخول فى الاسلام ، فرفع النبى يديه عاليا ( يقول الطفيل ) لما رايته يرفع يديه متهيئا للدعاء قلت فى نفسى هلكت دوس ـ فاذا بنبى الرحمة يدعو قائلا اللهم اهدى دوسا اللهم أئت بدوس ، فلم يلبثوا حتى دخلوا جميعا الى الاسلام .

ان المحاربون لدين الله والصادين عنه ، يريدون ان يفضوا الناس من حول من ياخذ بايديهم الى الطريق السليم ، فاذا قيل لهم آمنوا كما امن الناس ، قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ؟؟؟؟؟
نعم هى استراتيجيتهم التى يتبنوها ، لا يريدون الايمان ويصدون عنه صدودا ويصفون المؤمنين بالسفهاء تحقيرا لهم ولشأنهم .

- ومن اساليبهم ايضا : الخداع والتلوى وادعاء الايمان بالله واليوم الاخر :
فها نحن اليوم نسمع امورا عجيبة من مدعى الايمان بالله وزاليوم الاخر وبما انزل على سيدنا محمد ، امورا لا تتفق اطلاقا مع صحيح هذا الايمان ان صدقوا اصلا ، ولا تتفق اساسا مع ما جاء به سيدنا محمد .
وهؤلاء بالذات اخطر شاننا من اى عدو اخر ، لان هؤلاء يتكلمون بلغتنا وهم ابناء جلدتنا ويعيشون بيينا وياكلون مما ناكل الا انهم نافقوا فطبع الله على قلوبهم ، واخطر ما فى امرهم انه قد يستشهدون ببعض الايات القرآنية كما سمعنا من بعضهم مؤخرا وبعض الاحاديث النبوية فى غير مواضع الاستشهاد بها لعلمهم ان الغالبية من الناس اليوم قد ابتعدوا عن الفهم الصحيح للقرآن والحديث وانه من السهل الاشكال عليهم بهذه الطريقة .
وهؤلاء يقول الله فى حقهم فى سورة البقرة
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ
ومن الناس فريق يتردد متحيِّرًا بين المؤمنين والكافرين, وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم: صدَّقْنَا بالله وباليوم الآخر, وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا.
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)
يعتقدون بجهلهم أنهم يخادعون الله والذين آمنوا بإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر, وما يخدعون إلا أنفسهم; لأن عاقبة خداعهم تعود عليهم. ومِن فرط جهلهم لا يُحِسُّون بذلك; لفساد قلوبهم.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)
في قلوبهم شكٌّ وفساد فابْتُلوا بالمعاصي الموجبة لعقوبتهم, فزادهم الله شكًا, ولهم عقوبة موجعة بسبب كذبهم ونفاقهم.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11)
وإذا نُصحوا ليكفُّوا عن الإفساد في الأرض بالكفر والمعاصي, وإفشاء أسرار المؤمنين, وموالاة الكافرين, قالوا كذبًا وجدالا إنما نحن أهل الإصلاح.
أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12)
إنَّ هذا الذي يفعلونه ويزعمون أنه إصلاح هو عين الفساد, لكنهم بسبب جهلهم وعنادهم لا يُحِسُّون.
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13)
وإذا قيل للمنافقين: آمِنُوا -مثل إيمان الصحابة، وهو الإيمان بالقلب واللسان والجوارح-, جادَلوا وقالوا: أَنُصَدِّق مثل تصديق ضعاف العقل والرأي, فنكون نحن وهم في السَّفَهِ سواء؟ فردَّ الله عليهم بأن السَّفَهَ مقصور عليهم, وهم لا يعلمون أن ما هم فيه هو الضلال والخسران
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14)
هؤلاء المنافقون إذا قابلوا المؤمنين قالوا: صدَّقنا بالإسلام مثلكم, وإذا انصرفوا وذهبوا إلى زعمائهم الكفرة المتمردين على الله أكَّدوا لهم أنهم على ملة الكفر لم يتركوها, وإنما كانوا يَسْتَخِفُّون بالمؤمنين, ويسخرون منهم.
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)
الله يستهزئ بهم ويُمهلهم; ليزدادوا ضلالا وحَيْرة وترددًا, ويجازيهم على استهزائهم بالمؤمنين.
أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)
أولئك المنافقون باعوا أنفسهم في صفقة خاسرة, فأخذوا الكفر, وتركوا الإيمان, فما كسبوا شيئًا, بل خَسِروا الهداية. وهذا هو الخسران المبين.
وامثال هؤلاء عاشوا فى ظل الخلافة الراشده وكانو مبعث الكثير من الفتن التى اطاحت فيما بعد بالخلافة الراشدة .

ومما لا شك فيه اننا نرى امثال هؤلاء يوميا على شاشات الفضائيات يطلون علينا بوجوههم القبيحة يبثون سمومهم الفكرية فى عقول ابناءنا وبناتنا ، يحاولون جاهدين ان يستميلوا الناس حولهم بما فيه هلاكهم .
فقد قال رسولنا الكريم حديثا خطيرا جدا قليل من يفقهه .
فقد روى البخاري في صحيحة عن أبي إدريس الخولاني “ أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسالون الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يد ركني، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ فقال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير ؟؟ قال: نعم وفيه دخن 0 قلت: وما دخنه ؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتتنا ...........الحديث "
ففى هذا الحديث النبوى يصف الرسول حال هؤلاء المجرمين وصفا دقيقا لكل ذا لب وعقل ، فهؤلاء القوم الذين لا يهتدون بهدى النبى ولا يستنون بسنته هم العلمانيون والليبراليين والشيوعيين  الذين يعيشون بيننا ويتكلمون لغتنا وهم من ابناء جلدتنا ويعرفوننا ونعرفهم ، نسمع منهم وننكر لان الله حفظ فطرتنا السليمة من الدنس هؤلاء هم دعاة ابواب جهنم من استجاب لهم قذفوه فيها .

وهم ايضا من يريد ان يترك التحاكم الى الله ورسوله ويريد ان نتحاكم الى الطاغوت والى الاهواء والى ما وضعه البشر من قوانين بعيدا عن الضوابط الاسلامية الشرعية .
كذبوا والله فلو كانوا يؤمنون حقا بالله واليوم الاخر وما انزل على سيدنا محمد ما قالوا بهذا ابدا .

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً}

{ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير (8) ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق (9)


- ايضا من اساليبهم ( تصيد الاخطاء والهفوات ) مع كونهم غير منصفين ويفتعلون الازمات من خلال التهويل والتضخيم الذى لا مبرر متخيرين الاوقات المناسبه لتنفيذ خديعتهم .
ومن اهم ما استوفنى فى الفترة الماضية هو مشهد تلك الفتاه العفيفة والتى اقدمنا جميعا على ظلمها والافتراء عليها عندما نشرنا مقاطع الفيديو الخاصة بها على شبكات التواصل الاجتماعى واليوتيوب والموبايلات والمنتديات وخلافه ، ان تعرية هذه الفتاه وبغض النظر عما كانت ترتديه هو امر مما لا شك فيه انه عفويا بلا تعمد ، ولا يشك عاقل ابدا انه من الممكن ان يقدم احد ما على تعرية فتاه وتجريدها من ملابسها فى الشارع الا مجرم او معتوه اذا كان الامر بتعمد ، وقد لفت الانتباه الى ان الجريمة الحقيقية هى فى مشهد الضرب المبرح والذى لا يمكن باى حال ان نتساهل فيه فضرب البنات فى الشارع او الطرقات مهما كانت الدوافع هو امر مرفوض باى حال من الاحوال ، فالضرب هو القضية التى يجب ان نسلط الضوء عليها وان نتصدى لهذا الاجرام بكل قوة ، اما عن مشهد التعرى والذى كان عفويا بلا تعمد ، والا كنا سمعنا عن بنات اخريات تعرضن للتعرى ، فهذا المشهد والذى قامت الدنيا بسببه كان من الممكن ان نتجاوزه بشىء من الحكمة لولا ان هناك من يأبى استقرارا لهذا البلد فاخذ على عاتقه تهويل الامر وتصويره وكان الجيش يعرى البنات وينتهك اعراض المصريات فى محاولة لاستفزاز مشاعر المصريين وتحريك ( نخوتهم وشهامتهم ) للخروج الى الميادين والضغط من اجل اسقاط ( الدولة ) متخيرين هذا التوقيت الذى نحتفل فيه بالتحول الديموقراطى المنشود والذى نسعى اليه منذ امد طويل .
وقام البعض بايراد بعض الاحاديث والايات القرآنية ووقائع اخرى ليستشهد بها لمزيدا من شحن النفوس واثارة الفتن والقلاقل فى هذا التوقيت الحرج والذى يجب ان نحذر فيه جيدا من دسائس البعض ، ولم يتحدث احد عن مشهد الجندى الذى سترها (عمدا ) ولم يتركها للعراء ، وبغض النظر عن اى تفاصيل هنا اود فقط ان الفت الانتباه الى ما يشابهه هذا فى زمن عثمان بن عفان ، فهو ثالث الخلفاء الراشدين وكان على راس اقوى دولة فى العالم وقتها وقد ياس الاخرون من تقويض هذه الدولة من الخارج بالحروب ، فاخذوا من وقتها يتحينون اللحظة بعد الاخرى ينتظرون خطأ او هفوة ، وقد كان هذا فى زمن عثمان عندما ولى اقارب له على مصر والشام والعراق ، وقد اخذت بطانته على غير علم منه بارتكاب بعض الامور التى كان من الممكن معالجتها بالحكمة ، فاخذ احد المنافقين على عاتقه ( وهو عبد الله بن سبأ ) تهويل الامر للناس فاخذ يصور بطانة عثمان بالفاسدين فى الارض واخذ ( وهو اليهودى المتأسلم ) يستشهد بالقران والحديث ليثير دوافع الناس للثورة ضد عثمان ، ثم بدأ يتحول تدريجيا الى الهجوم على شخص عثمان نفسه ، حتى تحرك الثوار من الشام والعراق ومصر الى المينة عاصمة الخلافة وحاصروا منزل عثمان ، فاراد على ان يقاتلهم فامره عثمان بالا يفعل ، حتى تسللوا الى بيته فقتلوه ، وكانت النتيجة ان دخلت البلاد فى امور عظام وفتن لاحصر لها نعانى منها الى يومنا هذا .
واذكر ايضا انه فى موقعة الجمل التى كانت بين جيش على رضى الله عنه وبين جيش الزبير وعائشة رضى الله عنهما وقد اتفق الفريقان ان يتصالحا ، الا ان هناك من أبى ان يكون هناك صلحا فاتفقوا على احداث فتنة بان يخرج منهم من جيش على ليلا نفرا ويخرج منهم من جيش الزبير وعائشة ليلا نفرا ثم يضبرون سيوفهم بسيوف بعض حتى تصل قعقعتها الى مسامع الفريقين فيظن كلا منهم ان الاخر هو من نقض الهدنة وخالف العهد وبالفعل نجحت الخطة . الا انها لم تات ثمارها.

اننا كمسلمين ومؤمنين بالله واليوم الاخر مطالبين ومأمورين من الذى امنا به ان نتثبت عند سماع الاخبار والتيقن منها ومن صحتها والا ننساق وراء كل قائل مهما كان ما يقوله ومهما كان شخصه فهو اولا واخيرا بشرا مثل اى بشر يصيب ويخطىء .وخصوصا اذا علمنا انه لا يريد خيرا للبلاد والعباد
وهؤلاء يقول الله تعالى فى حقهم ان كنا نسمع ونعقل ونتدبر جيدا

(وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا)

(وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون) [ 63 \ 5 ] .


ان العقل الذى منحه لنا الله تعالى يدعونا الى ننظر بعين الانصاف الى مجريات الامور من حولنا وان نضع فى اعتبارتنا متغيرات الحال وكافة العوامل الاخرى وان نتعاطى مع القضايا بالانصاف الذى امرنا به المولى تعالى وامرنا به سيدنا محمد لا ان ننظر الى الامور بعيون الاخرين وكانه لا عين لنا ولا عقل متأثرين بما تعرضنا له من استفزاز لمشاعرنا وعواطفنا مغلبين مصالح بلدنا الحبيب فوق كل اعتبار واى مصالح اخرى حتى لا نتسبب فى جر بلادنا الحبيبة الغالية الى ويلات حقبة جديدة من الفتن لا يعلم مداها الا الله تعالى


الى هنا اتوقف على امل اللقاء مرة اخرى واستكمال الجزء الثانى من الموضوع باذن الله

دمتم سالمين فى رعاية الله وأمنه

هناك تعليقان (2):

  1. التاريخ سلسلة متكررة
    من الأحداث والناصح هو
    من يستخرج العبر وطرق
    التصرف ويسبق الأحداث
    باستباق الفعل

    ردحذف