يا بابور الساعة مش عارف ايه يا مقبل عالصعيد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

...........................................................
استقليت اليوم قطار الساعة الثامنة صباحا من محطة دمنهور المتجه الى القاهرة وبعد كدة يواصل الى الصعيد الجوانى , وبالمناسبة القطار معادة الساعة 8 لكن هوة اتعود يجى الساعة ثمانية ونصف او تسعة الا عشرة يعنى قطر مدلع , وهو درجة تانية سياحى مميز , يعنى قطر اخر حاجة مفيهوش اى مشاكل ,زجاج النوافذ مش متكسر ولا حاجة وفرش الكراسى مش متقطع والنضافة بقة مقولش عليها . استحالة حد يلاقى كوم زباله مثلا فى طرقة القطر او بين الكراسى ( مثلا يعنى ) والحمامات اخر نضافة:
اما بالنسبة بقة للزحام (زحااااام ) انا بقول زحام .. زحام ايه لا سمح الله ، القطر هادى وممتع وجميل واى واحد عايز يركب مش حيلاقى اى مقاومة من ، يعنى مش حيلاقى حد بيضربة بالشللوط او انه يقع على الارض وينداس بالرجلين ، او مش هيلاقى واحد معندوش اخلاق بيستغل الموقف ويمد ايدة على واحدة بنت ، او ، او .
وحتى لو فيه حاجة من دى حصلت بنلاقى الشرطة المنتشرة فى كل مكان جيه بسرعة تعمل الازم
..امال اييييييييييه ، مش الشرطة فى خدمة الشعب..
كمان كل واحد بيدخل بيلاقى كرسى فاضى يقعد علي ومش هنلاقى واحد قاعد فى مربع كامل لوحدة ولما حد يجى يقعد يلاقيه بيقول (محجوووووووووووووز).
وكمان القطر هادى ومفيهوش باعة متجولين رايحين جايين يلقبوا مزاج الواحد.
والقطر دة المفرض انه محافظات بس هوه عشان بيتعاون مع الشعب بيوقف حتى القرى الصغيرة،
دة من كتر حبة فى الناس ممكن يوقف للى يشاورله.
(من الاخر كدة القطر دة اخر حااااااجة و مكانة المفروض يكون فى امريكا مش فى مصر)
.....................................................................
المهم انى بحب اركب القطر دة كلما سنحت الفرصة لان فى هذا القطار بيكون معظم ركابه من الطلاب والشباب اللى فى سنى كدة تقريبا .
ولما بنقعد مع بعض كله بيكلم كله اللى يعرفة واللى مايعرفوش , الكل بيتكلم عن مشاكله وهمومة ومشاكل البلد وهمومها
يعنى لو حضرتك عايز تحضر ندوة وتكون مناقشتها صادقة ومفيهاش تجمل , اركب القطر دة ولو معجبش حضرتك ممكن تركب بتاع الساعة سبعة وعشرة صباحا ..اللى بيجى الساعة سبعة وخمسين دقيقة.

...................................

(المواعيد دى تخص محطة دمنهور)

.............................................................................................
المهم كنت قاعد النهاردة فى احدى المربعات ( المربع : يعنى البلوك المكون من اربع كراسى)
وكان قاعد معايا اتنين شباب من الصعيد . دة اللى عرفتة بعد كدة
وآنسة من الاسكندرية:

.........
فوجئت باحد الشباب واسمة حمودة بيتمتم بكلام غير مسموع لصاحبه وبعدين بدأ يرفع صوته وهو بيبص نحيتى وبيبتسم ابتسامه خفيفة وكأنه بيوجهة الكلام لشخصى .
ولاقيته ( او اللى فهمته من كلامه ) بيقول :

لازمته ايه التعليم واخرة ايه يعنى ،مهو مفيش وظايف واهو الكل عمال يجرى على السكك والاسم رايح فين رايح الجامعة جى مين جى من الجامعة!

الواحد ماينفعوش غير جيبه بعد كل السنين دى كلها وفى الاخر الشاب من دول هيشتغل اى حاجة ومش هتكون فى تخصصة.
انتهى كلامه!!!

....................................................
كل دة وهو بيبصلى وحسيت كدة انه عايز يتكلم معايا (طبعا محنا راكبين قطر الساعة تمنية بقة)
فقولت لنفسى اكلمة وامرى لله خصوصا ان منطقة معجبنيش ، واستغربت ان فيه لسه اللى بيفكر بالطريقة دى:
وبرغم انى بجد كنت مرهق وتعبان ومش ناقص وجع دماغ الا انى قررت انى اضحى واكلمه
وأهو تبقى تسلية يمكن الكلام مع حد يخلينى افوق من الصداع اللى كنت حاسس بية .

...................................................
قولتله :لاء.... الكلام دة مش مظبوط مش معنى ان مفيش وظايف ان احنا نبطل نتعلم او نخلى ولادنا مايتعلموش
على الاقل التعليم لو مكنش سبب للعمل هيكون سبب فى توسيع الافق وتفتيح العقل وتنمية المهارات والملكات الشخصية
او على الاقل اكون قادر على متابعة ما يجرى حولى من امور ومكنشقاعد كدة زى قفص جوافة .

.........................................
حمودة:طيب فيه حد اشتغل بتخصصة. او فيه حد بيشتغل فى الحكومة، كلهم مرمين اهم وبقو زى الهم علقلب

............................................
طارق : (اللى هوة انا يعنى)بس يا اخ (الاول اسمك اية )

........................................
جمودة : اسمى حمودة

..............................
طارق :خريج ايه يا حمودة .

...................................
حمودة :خريج معهد خدمة اجتماعية, وقبل كدة كنت واخد الثانوية الازهرية.

....................................
طارق : طيب بص يا حمودة المفروض اننا نفصل تماما بين التعليم والعلم وبين العمل , بمعنى ان ممكن اى واحد يتعلم اى صناعة او حرفة وفى نفس الوقت يتعلم ويكمل تعليمة لحد هوة مايحس انة اكتفى بكدة .

.........................................
حمودة : ازاى يعنى انا مش فاهمك , ماتشوف اللى بيتعلم دة بيصرف قد ايه فى السنة الواحدة وفى الاخر مفيش وظيفة ولما هيشتغل هيشتغل بعيد خالص عن تخصصة واللى اتعلمه , يبقى ياخدها من قصيرة ويتعلم صنعة وخلاص.

...............................................
وهنا يتدخل صاحبه (على ) مستكملا بصوت ينم على ان صاحبة واثق من نفسة حبتين :

.................................................
ايوه فيه ناس انا اعرفها اتخرجو من الجامعة وابوهم كان بيتاجر فى االمحاصيل الزراعية ولما اتخرجو اشتغلو فى محل ابوهم وفى تجارتة:
ثم استطرد قائلا :

.......................................
تعليم ايه بقة محنا اهو اتخرجنا من معهد الخدمة وبنشتغل فى الاعمال الحرة فى اسكندرية .
..........................
(مش عارف ليه كدة انهم مفهموش كلامى او اللى انا قصدة:)
فرديت عليهم وقولت
يا جماعة بلاش النظرة التشائمية دى وبلاش نبص للتعليم على انه مرحلة فى حياتنا وبتنتهى بالتخرج او بترك التعليم
وبعدين انا قولت فى البداية ان الانسان لازم يفرق تماما بين التعليم والعلم وبين العمل وتحصيل الرزق :
احنا مشكلتنا فى مصر اننا بنبص للتعليم على انه مجرد اكتساب مهارات تنفعنا فى شغلنا اللى هنكسب منه ونعيش على مرتبه .
يعنى مثلا الامام الالبانى رحمة الله عليه وهو من وهو فى العلم قضى حياتة كلها للعلم والبحث عن كل ماهو جديد
ومع ذلك كان بيشتغل فى تصليح الساعات !!!
ودى كانت مهنته اللى بكسب منها وبيعيش على مكسبها ..لكنه فضل يتعلم ويعلم غيره لحد ما توفاه الله .

.....................................................
حمودة : ايوة ماشى مبقولش حاجة بس الشاب من دول هيعرف يتعلم صنعه وفى نفس الوقت هيدرس طب ازاى .
وبعدين هيكون نفسة امتى ويتجوز امتة وهيكون عندة شقة امتة .

...............................................
طارق : (بمزاح) انت مالك بتسودها فى وشى كدة ليه , يعنى ارمى نفسى من الشباك دلوقتى عشان تستريح.
هارجع واقولك ان التعليم شئ مهم فى حياة الانسان اقلة انه يعرف يحافظ على حقوقة القانونية لان معظم القضايا فى مصر بتكون بسبب الجهل وعدم حسن التصرف .
وكمان عشان يقدر يحافظ على حالته الصحية .
وكمان عشان يقدر يفهم اولادة بعد كدة .

دى اقل حاجات يعنى.
...............................................................................
واذ فجأتن كدة اسمع صوت جى من على يمينى بيقول

......................................
على فكرة انت عندك حق :
يعنى انا مثلا بدرس فى المعهد الصناعى العالى بقويسنا بس فى نفس الوقت كنت باشتغل فى تجارة الملابس الجاهزةفى اسكندرية ،وكنت بنزل الاحياء الشعبيه عشان اعمل عروض:
انا معاك ان لازم الانسان يحصل ولو قدر ضئيل من التعليم.
.......................................................................
الصوت دة كان صوت الاخت اللى قاعدة معانا فى المربع ومتابعة الكلام وقال ايه وانا اللى كنت بوطى صوتى بقدر المستطاع احسن نكون مسببين لها ازعاج.
اتارييييييييها مركزه فى الكلام وانا اللى مش واخد بالى
المهم .. انى التفت لمصدر الصوت عشان ارد عليه بكلمة شكر
لكن قبل دة مايحصل كان حمودة سبق بالكلام ( واللى سبق اكل النبأ)

..............................................
لا لا ازاى الكلام دة يبقى انتى كدة بتضحكى على نفسك..ازاى قادرة توفقى بين الاتنين

........................................
والحديث دار بينهم وانا بدات احس ان الصداع بدأ يرجعلى تانى ويشد عليا ، فحمدت الله ان حمودة انشغل عنى بالكلام مع الاخت دى اللى يظهر عليها كانت متحمسة زيادة عن اللازم ، وحمودة دة كان عندة استعداد يتكلم لحد القطر ما يوصل اسوان ( مش فارقة معاه).وبصراحة انا مكنتش عايز اتكلم خالص مع حد فى اليوم دة ومكنتش فى المود خالص .. واغمضت عينى عسى ان اريح نفسى قليلا ..لكن يافرحة ماتمت.
لقيت الاخت دى بتسأذن عشان تنزل فى محطة بنها وبتسلم علينا . وانا اتصدمت بقة . وبقيت اقول فى نفسى ( بقى يعنى حبكت تنزلى هنا وتسبينى معاه لوحدى ، دانا مصدقت ان فيه حد شغله عنى ) لكن اعمل ايه بقة ادى الله وادى حكمته .
الانسة نزلت من هنا وانا عملت نفسى ببحلق فى حاجة على المحطة وعملت نفسى مهتم بالحاجة دى خالص . لكنى بصيت لحمدوة بطرف عينى لقيته مركز فيا قوى ومتحفزللكلام وشكله كدة مش ناوى يجبها البر النهاردة . عملت محاولة اخيرة ويائسة واخفضت رأسى على راحة يدى وتجاهلته تماما ولقيت نفسى بغمض عينى باستسلام للارهاق وبغرق فى النوم لكن برضة يا فرحة ماتمت ، ولقيت اللى بيصحينى بعد حوالى عشر دقايق ويقولى القاهرة يا استاذ.
وفتحت عينى على مضض وانا بفرك فيهم وبعدين لبست النضارة الطبية بتاعتى وتهيأت للنزول ولقيت حمودة بيبصلى
بصة كدة مش تمام لها معانى كتير، وكأنه عايز يقولى .. بقى انت مش عايز تتكلم معايا طيب ايه رأيك بقى انى انا اللى مش عايز اتكلم معاك.
سلمت عليهم ونزلت من القطر .