الأحد، يوليو 17، 2011

وكثيرا من الناس عن هذا غافلون



.
.
.


من تأملاتى فى القرآن الكريم

هناك اناس يدعون الاسلام ويقرأون القرأن بافواهم وما عقلته قلوبهم يكاد لايجاوز حناجرهم ، ذلك بما طبع الله عل قلوبهم باقبح اعمالهم

يقول الله تعالى

(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواإِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواأَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)

وردت هذه الاية فى سورة الحجرات برقم (6)
تلك السورة التى افتتحت ايات الاوائل منها بنداء (يا ايها الذين آمنوا) ذلك النداء المحبب الى نفوس المؤمنين نداءا رقراقا عذبا من الله الاعلى الى ابن آدم الادنى الذى آمن بالله وبملائكته وكتبه ورسله .
وسورة الحجرات اشتملت على التأكيد على فضائل ومكارم الاخلاق التى يجب ان يتحلى بها المؤمن ليأدب ضميره ويطهر قلبه فهى نظم تشمل صيانة القلوب والضمائر من العبث وصيانة الاعراض من الهتك واحتوت على شرائع تقوم هذا الادب وتحدد معايير تطبيقه والياته والتى ان استغنى عنها فقد انتفت عنه صفة الايمان وان بقى على اسلامه ، ذلك ان الخطاب فى الايات القرآنية فى تلك السورة كان موجها  (للذين آمنوا).
وليس هذا فقط بل وقد يخشى عليه ان يدخل فى زمرة الفاسقين والعاصين والظالمين وتلك كلها مؤدية الى الكفر والعياذ بالله
وقد اشار الله الى هذا بعد ان بدأ فى توجيه المؤمنين الى مكارم الاخلاق المكملة لتمام الايمان فى الاية رقم (7) والتى تلتها مباشرة حيث قال رب العزة

 (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ )

ونبه الله تعالى ان عروة الايمان هى التقوى وان معيار مكانة ابن آدم عند الله تعالى هو الاكثر تقوى وليس الاعرق نسبا وحسبا او الاكثر مالا .
وكما هو الثابت فى عقيدة اهل السنة والجماعة ان الايمان يزيد وينقص ، فهو يزيد عندما يعرض الانسان نفسه الى عوامل الزيادة كمجالس العلم او الذكر او كثرة الاستغفار او مجرد البعد عن الشبهات من القول والفعل وعدم التلبس فى الفتن .
وينقص عندما يحدث العكس تماما وعندما يتلبس الانسان بالفتن ويرتكب الحماقات بحق نفسه وبحق الاخرين كالغيبة التى هى من محبطات الاعمال الصالحة والنميمية والتنابز بالالقاب واساءة الظن بالاخرين وهضم حقوقهم وغمطهم وتتبع عوراتهم وتصيد اخطاءهم وزلاتهم .
وقد ركزت السورة الكريمة على البعد عن هذه الامور وانزلها الله لتكون دستورا (للمؤمنين ) فى معاملاتهم مع بعضهم البعض ومع غيرهم من المسلمين .
على ان البعد عن هذه الامور والترفع بالنفس من الوقوع فيها هو عروة الايمان التى هى التقوى .
فالله العالم بالنفوس البشرية يشرع منهجا في التثبت من الأقوال والأفعال , والاستيثاق من مصدرها , قبل الحكم عليها . يستند هذا المنهج إلى تقوى الله , وإلى الرجوع بالأمر إلى رسول الله , في غير ما تقدم بين يديه , ولا اقتراح لم يطلبه ولم يأمر به:

(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة , فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ; واعلموا أن فيكم رسول الله , لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم . ولكن الله حبب إليكم الإيمان , وزينه في قلوبكم , وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان , أولئك هم الراشدون , فضلا من الله ونعمة , والله عليم حكيم). .

فقد قال الله تعالى فى نفس السورة فى الاية (13)

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )

واختتمها الله بقوله ( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) فهو عليم باحوالنا وبنوايانا وبما يحاك فى صدورنا وما نبديه وما نخفيه وخبير بنا وبانفسنا . لذا فهو اولى بنا منا ومن انفسنا .


وتلك الاية الكريمة التى افتتحت بها المقال هى دستورا لو التزم به الناس لاصبحت حياتهم جنة على الارض .

فقد ابتدأها الله باحب نداء الى نفوس المؤمنين ( يا أيها الذين آمنوا ) ثم شرع امره لهم بقوله ( ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) فالله تعالى يامر ( المؤمنين ) بالتبين والتحقق والتثبت من الاقوال المنقوله قبل الخوض فى اصدار الاحكام فانه من يفعل ذلك فقد استبرأ ونأى بنفسه عن الوقوع فى الزلل والخطأ الذى قد يؤدى الى هلاكه فى الدنيا والاخرة لما فيه من احتمال اصابة آخرين بظلم بين وتلك جريمة كبيرة ، وانه من لم يفعل ذلك فقد اتصف بصفة الفسوق وانتفت عنه صفة الايمان لانه لم يتحرى التقوى .
وقد بين الله تعالى السبب من التبين والتحقق بقوله ( فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة) بمعنى حتى لا تصيبوا احدا عن طريق الخطأ بالظلم والافتراء والغمط ثم يستكمل جلا وعلا قائلا ( فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) فالله تعالى الخبير بالنفس البشرية العلم لاسرارها ومكنونها يعلم تماما مدى شدة ووطأة الندم على النفس البشرية والتى هى اول شرط من شروط التوة التامة المقبولة والتى لاتصح الا بها ولا تقبل الا بها ، فكان الله رؤفا رحيما بعباده ( المؤمنين ) فاحب لهم ان لا يعرضوا انفسهم للندم ، وان من علامات المؤمن هو انه يندم فى اول وهلة يستشعر فيها حجم ما اقترفه من جرم وخطأ . ومن لم يندم فلا قلب له وقد طبع الله عليه .

بل ان الندم قد لا يجر الانسان الى التوبة علما منه بان حقوق العباد ملكا للعباد ولن يغفرها الله الا اذا قام صاحب الحق بالعفو عمن هضم حقه او اساء اليه او اغتابه  حيث ان من شروط التوبة والتى لا تقبل التوبة الا بها هو رد المظالم الى اهلها واصحابها وطلب العفو والصفح منهم ، وهو مما لاشك فيه موقف جلل على النفس البشرية التى لا ترضى بالخضوع والخنوع فيكون هنا ذروة الندم او ذروة الكبر والعناد ولكن اكثر الناس لا يعقلون .

فى هذه الاية الكريمة ي
أمر تعالى بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له ، لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر - كاذبا أو مخطئا ، فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه ، وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين ، ومن هاهنا امتنع طوائف من العلماء من (قبول رواية مجهول الحال) لاحتمال فسقه في نفس الأمر ، وقبلها آخرون لأنا إنما أمرنا بالتثبت عند خبر الفاسق ، وهذا ليس بمحقق الفسق لأنه مجهول الحال . وقد قررالعلماء هذه المسألة في كتاب العلم من شرح البخاري ، ولله الحمد والمنة .



هذا اجتهادى والله اعلى واعلم


اللهم عافنا واعف عنا واغفر لنا وارحمنا

.
.
.
ودمتم سالمين فى رعاية الله