الخميس، أغسطس 07، 2008

إباحة الربا.. السؤال الملغوم والفتوى المغلوطة


د. حسين حامد
في الثاني والعشرين من شهر أكتوبر من عام 2002 أرسل الأستاذ الدكتور حسن عباس زكي عضو مجمع البحوث الإسلامية، وزير الاقتصاد الأسبق، رئيس مجلس إدارة بنك الشركة المصرفية العربية الدولية كتابًا إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر (اضغط هنا لتطالع نص الاستفسار) ، يعيد فيه السؤال عن حكم استثمار الأموال في المصارف التي تقوم على تحديد الربح مقدمًا. وقد أحال فضيلة الإمام الأكبر الكتاب للعرض على مجلس مجمع البحوث الإسلامية. وانعقدت جلسة مجلس المجمع في يوم الخميس 25 من شعبان سنة 1423 هـ الموافق 31 من أكتوبر سنة 2002م (اضغط هنا لمطالعة أسماء أعضاء مجلس المجمع في هذه الآونة) ، وعرض عليه الموضوع المذكور. وبعد مناقشات الأعضاء ودراستهم قرر مجلس المجمع في جلسة الخميس 23 من رمضان 1423هـ الموافق 28 من نوفمبر 2002م.. الموافقة على أن استثمار الأموال في البنوك التي تحدد الربح مقدمًا حلال شرعًا ولا بأس به. وقد صدرت الفتوى ممهورة بتوقيع.
فضيلة الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي (اضغط هنا لمطالعة نص الفتوى)
غير أن هناك عدة محاذير تطال كلا من السؤال والفتوى الرادَّة عليه؛ بحيث يمكن القول بوجود تجاوز في السؤال، جعله يخالف حقيقة الوضع؛ مما هيأ الفرصة لحدوث لبس أو سوء فهم حيال السؤال المقدم.. وبالتالي في الفتوى المجيبة على هذا الاستفتاء. وهذا ما جعل هذه الورقة تتطلع لفحص كل من السؤال والإجابة.
سؤال مخالف للإطار القانوني للمعاملات المصرفية
حين بدأنا بمطالعة السؤال محل التناول، وهو طلب الفتيا المقدم من الأستاذ الدكتور حسن عباس زكي، وهو عضو مجمع البحوث الإسلامية قبل أن يكون مقدم الاستفتاء محل التناول، وجدنا أن هذا السؤال لا ينطبق على ما يجري عليه العمل في البنوك التجارية والبنوك المتخصصة. ولنلق نظرة على ما يدعونا للتنادي للنظر إلى السؤال قبل الفتوى. والاعتبارات التي لدينا يمكن تناولها وفق الطرح التالي:
1- هذه المعاملة بهذه الصورة لا يجري عليها العمل في البنوك التجارية ولا المتخصصة، لا في مصر، ولا في البلاد العربية، بل تناقض ما نصت عليه القوانين المدنية وقوانين التجارة وقوانين الجهاز المصرفي في هذه البلاد. فإن هذه الفتوى لا تطبق على ودائع البنوك.
2- قد يكون البنك مقدم السؤال يطبق هذه الصيغة، ويتلقى الودائع بصفته وكيلاً عن المودعين في استثمار هذه الودائع في معاملاته المشروعة، وهذه مسألة ادعاء على واقع، وتحتاج إلى إثبات. ومع ذلك فإن هذه الوكالة باطلة بالإجماع؛ لأن جميع عوائد وأرباح المال المستثمر بعقد الوكالة تكون للموكل؛ لأنه المالك للمال المستثمر، كما أنه يتحمل جميع خسائره التي تحدث بسبب لا يد للوكيل فيه ولا قدرة له على دفعه ولا تلافي آثاره، وللوكيل أجر معلوم يجب النص عليه في عقد الوكالة، وهو يحدد بمبلغ مقطوع أو نسبة من المال المستثمر، وهو ما لم يتحقق في الصورة المسئول عنها، بل إن الوكيل هو الذي يستحق أرباح استثمار الوديعة، ويتحمل خسائرها، ويحدد للموكل مالك الوديعة قدرًا أو نسبة من رأس المال، ويسميها ربحًا.
والبنوك الإسلامية تمارس هذه الصورة بمقتضى قوانين ونظم إنشائها؛ فهي تتلقى الودائع وتستثمرها لحساب أصحابها وعلى مسئوليتهم؛ فلهم أرباح ويتحملون خسائرها التي تحدث بسبب لا يد للبنك فيه، وهو ما يسمى في القانون بالقوة القاهرة والسبب الأجنبي. ويستحق البنك أجرًا محددًا في عقد الوكالة في الاستثمار، بمبلغ مقطوع أو نسبة من الوديعة المستثمرة. وبالقطع فإن هذه الودائع مملوكة لأصحابها وليست قرضًا للبنك ولا دينًا في ذمته.
3- والدليل على أن المعاملة موضوع السؤال والفتوى لا يجري عليها العمل، ولا تسمح بها القوانين المطبقة في البنوك، وأن المطبق إنما معاملة أخرى مختلفة عنها جملة وتفصيلا، يأتي وفق عدة اعتبارات، هي:
الاعتبار الأول: الفتوى تفترض وجود بنك يتلقى الودائع والمدخرات من المتعاملين معه؛ "ليكون وكيلاً عنهم في استثمارها؛ وهو ما يعني وجود عقد وكالة مستوفٍ لشروطه، وتترتب عليه أحكام الشريعة، ينظم العلاقة بين البنك والمودع. وهذا القول مناقض لحكم القوانين المطبقة، ولا وجود له في واقع البنوك.
إن الذي ينظم علاقة البنك بمودعيه هو عقد وديعة النقود، أو الوديعة الناقصة بلغة القانون. وحكم هذا العقد أنه ينقل ملكية الوديعة إلى البنك، ويخوله استخدامها لحسابه وعلى مسئوليته؛ فله وحده ربحها وعليه خسارتها، وهو يدفع للمودع فائدة وهي نسبة من رأس المال مرتبطة بالمدة ويسميها "ربحًا". والبنك يلتزم برد الوديعة؛ لأنه مدين بها، وهذه المعاملة قرض بالقطع، وفقًا لنصوص القانون وحكم الشريعة؛ وهو ما يجعل الزيادة المشروطة عليها ربا بالإجماع؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "كل قرض جر نفعًا فهو ربا"، وكان الواجب أن تصدر الفتوى على المعاملة حسبما يقررها القانون ويجري عليها العمل دون افتراض صورة خيالية غير واقعة، حتى لا يقع اللبس لدى العامة بأن حكم هذه الصورة المتخيلة ينطبق على ما يجري عليه العمل في البنوك.
فالمادة رقم 726 من القانون المدني الجديد تنص على أنه "إذا كانت الوديعة مبلغًا من النقود، أو أي شيء آخر مما يهلك بالاستعمال، وكان المودع عنده مأذونًا له في استعماله؛ اعتبر العقد قرضًا". وهذا هو الحكم في بقية القوانين العربية[1].
ويقول الدكتور السنهوري: "وأكثر ما ترد الوديعة الناقصة على ودائع النقود في المصارف؛ حيث تنتقل ملكية النقود إلى المصرف، ويرد مثلها بعد الطلب أو بعد أجل، بل ويدفع المصرف في بعض الأحيان فائدة عنها؛ فيكون العقد في هذه الحالة قرضًا، وقد أحسن المشرع المصري في اعتبار الوديعة الناقصة قرضًا"[2]، ثم يقول: "لا محل للتمييز بين الوديعة الناقصة (وديعة النقود) والقرض؛ حيث إن المودع في الوديعة الناقصة ينقل ملكية الشيء المودع إلى المودع عنده، ويصبح هذا مدينًا برد مثله"[3].
وتنص المادة 301 من القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة المصري على أن "وديعة النقود عقد يخول البنك ملكية النقود المودعة، والتصرف فيها بما يتفق ونشاطه، مع التزام برد مثلها للمودع، طبقًا لشروط العقد".
وتنص المادة 300 من نفس القانون على أن أحكام الباب الثالث منه، الخاص بعمليات البنوك، ومنه المادة 301 "تسري على العمليات التي تعقدها البنوك مع عملائها، تجارًا كانوا أم غير تجار، وأيًا كانت طبيعة هذه العمليات".
فهذه النصوص القانونية تقطع بأن وديعة النقود في البنوك قرض. وقد أكد فقهاء القانون هذا بما لا يدع مجالاً للشك. وحيث إن هناك إجماعًا على أن "كل قرض جر نفعًا فهو ربا" كما جاء في الحديث الشريف، فإن ما يصرف للمودع يعد ربا وإن سُميَ ربحًا أو عائدًا.
يقول ابن قدامة المقدسي[4]: "وكل قرض شُرط فيه أن يزيد فهو حرام بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة، أو هدية فأسلف على ذلك؛ فإن أخذ الزيادة على ذلك فهو ربا".
وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي بردة بن أبي موسى، قال: "قدمت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام، فقال لي: إنك بأرض فيها الربا فاشٍ، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فلا تأخذه فإنه ربا". وروى البخاري في تاريخه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقرض فلا يأخذ هدية".
وإني لأعجب كيف غاب عن العلماء الأفاضل أعضاء المجمع هذه الحقائق مع سعة علمهم وغزارة اطلاعهم؟ غير أن عذرهم هو أنهم يجيبون على سؤال يعرض صورة محددة، هي "تلقي البنك للودائع لاستثمارها بطريق الوكالة في صيغ استثمار مشروعة"، وكان الجواب على قدر السؤال وإن بصورة افتراضية غير متحققة في الواقع.
وإن كنا سنرى أن تحديد مبلغ مقدمًا للمودع بصفته موكلاً لا يجوز شرعًا، ولو سمي ربحًا؛ لأنه يناقض أحكام الوكالة في الاستثمار التي أجمع عليها الفقهاء، وهي: أن ربح الوديعة المستثمرة كله للمودع، وأن خسارتها التي لا يد للوكيل فيها عليه. وأن أجر الوكيل يجب تحديده عند توقيع عقد الوكالة بمبلغ مقطوع أو نسبة من الوديعة المستثمرة. وهذا كله يقتضي أن يمسك الوكيل (البنك) حسابًا مستقلاً للوديعة أو مجموع الودائع، يقيد فيه الإيرادات والمصروفات حتى يتحدد الربح الذي يستحقه المودع أو مجموعة المودعين، وذلك على النحو الذي تمارسه البنوك الإسلامية في عمليات الاستثمار بطريق الوكالة.
الاعتبار الثاني: أنه على فرض أن العقد الذي ينظم علاقة البنك والمودعين فيه هو عقد وكالة في الاستثمار، وهو فرض يناقض حكم القوانين وينافي الواقع العملي؛ فإن البنوك التجارية والمتخصصة لا تملك استثمار الودائع بنفسها استثمارًا مباشرًا؛ بمعنى الاتجار فيه، بل تملك إقراضه للغير بفائدة. فالقانون المصري رقم 163 لسنة 1957 والقوانين المعدلة له تنص على ما يأتي:
المادة رقم 26 مكررًا[5] تنص على أنه "تخضع جميع البنوك التي تمارس عملياتها داخل جمهورية مصر العربية لأحكام هذا القانون".
والمادة رقم 38 من نفس القانون تنص على أنه "يُعتبر بنكًا تجاريًا كل منشأة تقوم بصفة معتادة بقبول ودائع تدفع عند الطلب أو بعد أجل لا يجاوز سنة" (عدلت مدة الوديعة بالزيادة).
والمادة رقم 39 من نفس القانون تنص على أنه "يحظر على البنك التجاري أن يباشر العمليات الآتية:
( أ) التعامل في المنقول أو العقار بالشراء أو البيع أو المقايضة فيما عدا:
1- العقار المخصص لإدارة أعمال البنك أو للترقية عن موظفيه.
2- المنقول أو العقار الذي تئول ملكيته إلى البنك وفاء لدين له قبل الغير قبل أن يقوم البنك بتصفيته خلال سنة من تاريخ أيلولة الملكية بالنسبة للمنقول وحتى سنوات بالنسبة للعقار، ويجوز لمجلس إدارة البنك المركزي مد هذه المدة عند الاقتضاء.
(ب) امتلاك أسهم الشركات المساهمة، ويشترط "ألا تجاوز القيمة الاسمية للأسهم التي يملكها البنك في الشركة مقدار رأسماله المصدر واحتياطياته".
والمادة رقم 45[6] تنص على أنه "يحظر على البنوك العقارية والبنوك الصناعية وبنوك الاستثمار نفس الأعمال المحظورة على البنوك التجارية".
فهذه النصوص تقطع بأنه يحظر على البنوك التجارية وغير التجارية العاملة في مصر الاستثمار عن طريق الاتجار بالشراء والبيع بصفة مطلقة، إلا إذا كان التملك وفاء لدين، وبشرط التصرف في العقار أو المنقول خلال مدة محددة، أو كان العقار مستخدمًا لإدارة البنك أو لأماكن ترقية موظفيه. وحتى في حالة المشاركة في تأسيس الشركات وشراء أسهم، يحظر على البنك أن يمس الودائع مطلقًا، بل إن له أن يتصرف في حدود حقوق المساهمين.
فافتراض الفتوى محل النظر أن البنوك تقوم باستثمار الودائع بالاتجار فيها بالبيع والشراء بصفة مباشرة، أو حتى شراء أسهم الشركات افتراض غير صحيح، وبناء الفتوى عليه باطل. وإذا كنا نتكلم عن أمر واقع.. فأين هو؟ وأي بنك يقوم باستثمار الودائع بنفسه استثمارًا مباشرًا؟ وأين يعمل؟ أيعمل في مصر أم في الخارج؟؟
ولا أدري كيف غاب عن أعضاء المجمع -مع سعة علمهم، وكثرة اطلاعهم، ومعرفتهم بواقع الجهاز المصرفي المصري والعربي والعالمي وطريقة عمله، وفقًا للقوانين المنظمة له- أن البنوك في مصر ليست حرة في القيام باستثمار الودائع بنفسها استثمارًا مباشرًا في الاتجار بالبيع والشراء للعقارات والمنقولات، أو المساهمة في الشركات، وإنما الأصل أنها تُقرض الودائع بسعر فائدة أعلى من سعر الفائدة الذي تدفعه على الودائع، ويكون الفرق بين الفوائد الدائنة والمدينة هو ربح المساهمين، بعد خصم المصروفات العمومية والإدارية، وذلك بالإضافة إلى مقابل الخدمات المصرفية.
وعلى كل حال فإن الفتوى لا يتحقق مناط تطبيقها في البنوك التجارية أو المتخصصة؛ لأن الفتوى تفترض قيام البنوك التي تتلقى الودائع بصفتها وكيل استثمار، باستثمار هذه الودائع بنفسها استثمارًا مباشرًا بالاتجار فيها بالبيع والشراء وغيرهما، وهذا محظور على هذه البنوك.
والذي يقوم باستثمار الودائع بصيغ وعقود استثمار شرعية، وبطريقة مباشرة على أساس عقد الوكالة أو المضاربة أو المشاركة، أو المرابحة أو السلم أو الاستصناع.. هي البنوك الإسلامية. فإذا استثمرت بطريق الوكالة فإن الربح كله لمالك الوديعة والخسارة التي لا يد للبنك فيها عليه؛ لأنه المالك للوديعة، ويستحق البنك أجرًا محددًا بمبلغ مقطوع أو نسبة من الوديعة المستثمرة.
وإذا كان الاستثمار بطريق المضاربة؛ فإن البنك يستحق النسبة المتفق عليها من ربح استثمار الودائع، والباقي يوزع على أصحاب الودائع؛ وذلك وفق نسبة ودائعهم ومدد استثمار هذه الودائع، وذلك بحكم أن المودعين يملكون هذه الودائع، ولا يقرضونها للبنك.
وإذا كان البنك يستثمر الودائع بطريق المشاركة؛ فإن البنك يستحق حصة في الربح بنسبة مشاركته، والباقي للمودعين مقابل استثمار ودائعهم. والشريك المودع يملك حصة في المشاركة وهي الوديعة.
الاعتبار الثالث: وعلى فرض أن البنوك تتلقى الودائع بصفتها وكيل استثمار، وعلى فرض أنها تملك استثمار الودائع بنفسها استثمارًا مباشرًا بالاتجار فيها بالبيع والشراء وشراء الأسهم، وهو فرض غير جائز قانونًا وغير واقع عملاً وممارسة، على فرض ذلك كله.. فإن الفتوى تنص على أن استثمار الودائع يكون في "عمليات البنوك المشروعة". وهذا الفرض غير واقع؛ ذلك أن البنوك تملك استخدام الودائع في عمليات الإقراض بفائدة، وهي ربا محرم باتفاق. والفتوى نفسها لم تتعرض لحكم استخدام البنك لودائعه في إقراضها بفائدة برغم كونه ربا محرَّما باتفاق.
وتنص المادة الرابعة من القانون رقم 37 لسنة 1992 على أن تُستبدَل بكلمة "الفائدة" أينما وردت في القانون رقم 163 لسنة 1957 أو القانون رقم 120 لسنة 1975 كلمة "العائد"، وهو لا يغير من الحكم الشرعي، وهو حرمة كل زيادة عن مبلغ القرض؛ ذلك أن الحكم الشرعي مرتبط بكلمة "النفع" بكل صوره وجميع أشكاله، بصرف النظر عن التسمية التي تُطلق عليه، ربحًا كانت أو عائدًا أو هدية أو منحة أو مكافأة أو جائزة؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "كل قرض جر نفعًا فهو ربا". فالعبرة هنا بكون المدفوع نفعًا، بصرف النظر عن تسميته.
وإذا ثبت أن الودائع تستخدم بطريق الإقراض بفائدة أو عائد -كما يسميه القانون-، كان افتراض الفتوى أن البنك "يستثمر الودائع في معاملاته المشروعة" افتراضا غير واقع وغير صحيح، وبناء الفتوى عليه باطل، ولو فرض أن هناك بنكًا يتلقى الودائع بصفته وكيل استثمار، ويستثمرها في معاملاته المشروعة استثمارًا مباشرًا بصيغ وعقود استثمار مشروعة ولا يقرضها للغير بفائدة؛ لكانت الفتوى منطبقة على هذا البنك (أي يتحقق فيه مناط الفتوى).
فالفتوى التي بين أيدينا أُنيطت وارتبطت وتعلقت ببنك يتلقى الودائع وفق عقد وكالة في الاستثمار، وليس وفق عقد وديعة تأخذ حكم القرض، ويقوم باستثمار هذه الودائع، والاتجار فيها بنفسه (وهذا محظور على البنوك القائمة)، ويتم التعامل فيها بصيغ وعقود استثمار شرعية، وليس بإقراضها بفائدة كما هو الوضع في البنوك العادية. فإذا ما اختل أو انعدم أحد هذه العناصر التي تشكل مناط الفتوى فإن الفتوى لا تطبق.
ولقد ذكرنا أن الفتوى تنطبق على البنوك الإسلامية، مع ملاحظة أن البنوك الإسلامية تلتزم بشروط وأحكام الوكالة الشرعية، وأهمها حرمة اشتراط ربح محدد للمودع بصفته موكلاً؛ لأن هذا باطل بالإجماع، وصرف الربح كله للمودع بعد خصم أجرة البنك المحددة في عقد الوكالة، وتحميل المودع بصفته موكلاً جميع مخاطر استثمار الوديعة، وخسائرها التي لا يد للبنك فيها، ولا قدرة له على توقعها أو تلافي آثارها (أي: إذا كانت بسبب قوة قاهرة، أو بسبب أجنبي بلغة القانون).
ولو وُجد بنك يتلقى الودائع بعقد وكالة مستوفية لشروطها، وتترتب عليها أحكامها الشرعية؛ لكانت معاملاته صحيحة. ولكن الوكالة المذكورة في الفتوى، على الرغم من أنها مجرد اختراع وخيال يناقض أحكام القوانين وواقع العمل؛ فإنها وكالة باطلة بالإجماع؛ لأن الوكيل (البنك) يأخذ أرباح الوديعة، وليس أجرًا محددًا في عقد الوكالة، ويتحمل خسائرها، ويشترط للمودع (الموكل) مبلغًا محددًا مقدمًا أسماه ربحًا، وهذه وكالة باطلة بإجماع الفقهاء طوال 14 قرنًا من الزمان، ولا أظن أن هذا يغيب عن علم أصحاب الفضيلة أعضاء المجمع، وهم من المشهود لهم بالعلم والفضل والورع.
وخلاصة الرد على هذا الجزء من الفتوى أنها فتوى في معاملة افتراضية؛ حيث هذه المعاملة المستفتى فيها غير جائزة قانونًا، وغير واقعة عملاً، بالنسبة للبنوك العاملة في مصر، بل وفي غيرها من البلاد العربية وغيرها. وهي صورة بنك يتلقى الودائع بصفة وكيل استثمار، ويستثمر هذه الودائع بنفسه في معاملات وبصيغ وعقود استثمار مباشرة، وهذه المعاملات وتلك الصيغ تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وإذا فرضنا جدلاً أن البنوك تقبل الودائع بصفتها وكيلاً عن المودعين لاستثمارها بنفسها والاتجار فيها استثمارًا مباشرًا؛ فإن هذا الاستثمار يجب أن يكون بصيغ استثمار شرعية كالبيع والشراء والاستصناع والمرابحة والسلم والمشاركة وغيرها من الصيغ والعقود الشرعية، وليس بصيغة الإقراض بفائدة، كما أنه يجب أن تكون الوكالة في الاستثمار مستوفية لشروطها الشرعية، وتترتب عليها الأحكام والآثار التي ترتبها الشريعة الإسلامية؛ من كون الربح كله للمودعين، وللبنك الأجر المحدد المتفق عليه في عقد الوكالة، على أن تكون خسارة الودائع التي لا يد للبنك فيها على أصحابها؛ لأنهم المالكون لها.
وهذا يقتضي أن يُفِرد البنك للودائع التي يستثمرها بطريق الوكالة حسابًا مستقلاً منتظمًا مُدقَّقًا، تقيد فيه إيرادات ومصروفات جميع المعاملات الشرعية التي يقوم بها البنك، حتى يتحدد الربح المستحق للمودعين، بعد أن يخصم البنك الأجرة المتفق عليها عند الإيداع.
والبنوك الإسلامية تقوم بهذا العمل على الوجه السابق، وذلك بجانب قيامها باستثمار الودائع بصيغة المضاربة التي يستحق فيها البنك نسبة محددة من الربح بدلاً من الأجرة المحددة بمبلغ مقطوع أو نسبة من الودائع المستثمرة، وقد تستثمر البنوك الإسلامية الودائع بصيغة المشاركة؛ فيستحق البنك حصة من الربح تناسب مساهمته في المشاركة، ويأخذ المودعون نسبة من الربح تناسب مساهماتهم.
وأما استخدام الودائع فالبنوك الإسلامية تستثمرها استثمارًا مباشرًا بعقود وصيغ شرعية كالمرابحة والبيع المؤجل وبيع السلم والاستصناع والمشاركات، ولا تدفع البنوك الإسلامية هذه الودائع بصيغة القرض لمن يقوم باستثمارها؛ فالبنوك الإسلامية لا تقوم بالإقراض والتمويل النقدي ومنح التسهيلات الائتمانية، بل إنها بنوك استثمار منتج للسلع والخدمات، وبنوك تنمية حقيقية، وتلك رسالتها، حسب قواعد الشريعة، وقوانين ونظم إنشائها، والتراخيص التي منحتها الدول التي توجد فيها هذه البنوك لها؛ فإن قصرت أو أخطأت كانت مسئولة أمام الله، ثم الدولة التي منحتها هذه التراخيص، والمجتمع الذي منحها ثقته.
وقد يحدث هذا التقصير بسبب عدم كفاية العناصر المؤهلة، أو عدم العناية بتدريبها، ولكنها في جميع الأحوال يجب أن تجمع المدخرات، وتوجهها للاستثمار المنتج بصيغ شرعية مساهمة في خطط التنمية. ويجب على الدولة والمجتمع أن يعيناها على ذلك، ويحكما الرقابة عليها؛ إذ إن الذين يتعاملون مع هذه البنوك يعتمدون على أنها تلتزم بأحكام الشريعة في ترك الربا الذي يؤذن بحرب الله ورسوله ويمحق البركة في المجتمع، وأن هذه البنوك تسهم في نفس الوقت في تمويل خطط التنمية. ذلك أن البنك الإسلامي لا يتقاضى فائدة على قرض؛ لأنه لا يُقرض الودائع، وإنما يستحق حصة من ربح العملية أو المشروع، ولا يتحقق الربح إلا إذا كان ثمة مشروع منتج ومحقق للربح وفق دراسة الجدوى، وبذلك يواكب كل تمويل لعملية إنتاج ينتج عنها ربح، وهذا يساعد على تخفيف حدة التضخم، ويوجه استخدامات الموارد في المجتمع توجيهًا صحيحًا.
إن دعم ومساندة البنوك الإسلامية تلبي أشواق ورغبات شريحة كبيرة من المجتمع التي آمنت بحرمة الربا، وبكونه يمحق البركة من الرزق، ويعرض المرابي لحرب من الله ورسوله لا قبل له بها، ولهم حق ممارسة أحكام دينهم، ويفيد الجهاز المصرفي من ودائع يمتنع أصحابها عن إيداعها في البنوك الربوية، بدلاً من أن تتسرب هذه الودائع، ويُحرم منها المجتمع.
ولا يضير البنوك التقليدية وجود بنوك إسلامية؛ لأن الملتزمين بأحكام دينهم إذا لم توجد بنوك إسلامية لا يودعون في البنوك التقليدية. لذا فإن إثارة هذا الموضوع لا يفيد المجتمع بحال.
إشكاليات تتعلق بفتوى مجمع البحوث الإسلامية
إن كان التناول النقدي السابق يتعلق بالإشكال الذي انطوى عليه السؤال من توصيف غير حقيقي لطبيعة النشاط الاقتصادي الذي تمارسه المصارف، ومن ثم سوء الفهم المترتب على هذا التوصيف الخاطئ؛ فإن الجزء الذي بين أيدينا يتناول تجاوزات في فتوى مجمع البحوث نفسها ( اضغط هنا لمطالعة نص الفتوى).
لقد ذكرت الفتوى بعض الأدلة على ما توصلت إليه من حكم بأن تحديد الأرباح مقدمًا لأصحاب الودائع في البنوك حلال لا شبهة فيه. واستكمالاً للبحث فإني أذكر هذه الأدلة، أو بالأحرى التعليلات والمناسبات التي ذكرت لتأكيد هذه الفتوى:
أولاً: جاء في الفتوى أنه "من المعروف أن البنوك عندما تحدد للمتعاملين معها هذه الأرباح أو العوائد مقدمًا، إنما تحددها بعد دراسة دقيقة للأسواق المالية أو المحلية وللأوضاع الاقتصادية في المجتمع، ولظروف كل معاملة أو نوعها ومتوسط أرباحها".
وهذا التعليل أو التدليل ليس في محل النزاع؛ لأن الخلاف ليس في طريقة تحديد ما يُعطى للمودع، بل في الحكم الشرعي لما يُعطى، بصرف النظر عن مقداره وطريقة تحديده. وقد تقدم أن الوديعة تُعد قرضًا بنص القوانين وبإجماع الفقهاء، و"كل قرض جر نفعًا فهو ربا" بنص الحديث الشريف؛ ذلك أن واقع البنوك أنها تتلقى الودائع وتملكها، وتستقل باستخدامها في إقراض الغير بفائدة، مع التزامها بردها مع الفائدة، وهذا هو حكم القرض بنص القانون، ولا دخل بعد ذلك في كيفية أو طريقة تحديد هذا النفع أو مقداره أو مسماه؛ فقد تُسمى هذه النتيجة نفعًا أو ربحًا أو عائدًا أو فائدة أو مكافأة أو هدية؛ لأن العبرة بما يرتبه العقد من آثار بين عاقديه. والأحكام تُبنى على الواقع لا على الخيال. ودعوى أن البنك وكيل استثمار، وأنه يستثمر الودائع بنفسه في معاملات مشروعة، تقدم تفنيده وإبطاله، وتوضيح مخالفته للقانون والشرع والواقع.
ثانيًا: جاء في الفتوى أنه "من المعروف أن هذا التحديد (للربح الذي يعطى للمودع) قابل للزيادة أو النقص؛ بدليل أن شهادات الاستثمار بدأت بتحديد العائد، ثم ارتفع إلى أكثر من 15%، ثم انخفض الآن إلى ما يقارب 10%.
وهذا التعليل أو التعديل في غير الموضوع الذي نتحدث عنه؛ إذ الحديث عن الصفة الشرعية لما يعطيه البنك للمودِع؛ وقد تقدم أنه ربا؛ لأنه منفعة يمنحها المقترض للمقرِض (زيادة عن الدين؛ لأنها نسبة من رأس المال مقابل الأجل). ولا يجادل أحد في أن هذا هو حقيقة الربا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "كل قرض جر نفعًا فهو ربا"، ولإجماع الأمة على أن الزيادة على الدين في مقابل الأجل هي الربا، سواء تحددت وشُرطت مقدمًا كما جاء في السؤال والفتوى، أو كانت العادة جارية في البنوك بذلك.
وإذا ثبت أن الوديعة النقدية قرض يفيد ملك البنك للوديعة، وحقه في استخدامها مع رد مثلها، وأن ذلك قرض بحكم القانون والشرع؛ فإن كل زيادة على القرض تُعطى للمودع تكون ربا مهما كان قدرها، أو طريقة تحديدها، أو التسمية التي تُطلق عليها، أو تغييرها بالزيادة والنقصان. ودعوى أن البنك يتلقى الودائع بصفته وكيل استثمار، وأنه يستثمرها بنفسه في معاملاته المشروعة بالاتجار والبيع والشراء وغير ذلك من عقود وصيغ الاستثمار الشرعية، دعوى يكذبها الواقع، ويحظرها القانون، كما سبق شرحه وإثباته..
ثالثًا: جاء في الفتوى أن "الخلاصة أن تحديد الربح مقدمًا للذين يستثمرون أموالهم عن طريق الوكالة الاستثمارية في البنوك أو غيرها حلال، ولا شبهة في هذه المعاملة؛ فهي من قبيل المصالح المرسلة، وليست من العقائد أو العبادات التي لا يجوز فيها التغيير أو التبديل".
والرد على ذلك يكون بتناول عدة جزئيات على النحو التالي:
أولاً: الحكم الشرعي إذا ثبت بالدليل، وعُرف مناطه؛ فلا يجوز تغييره ولا تبديله بحال، يستوي في ذلك العقائد والعبادات وغيرها من المعاملات. غير أن تفسير النصوص الشرعية، وتحديد مجال إعمالها، يُرجع فيه إلى المصلحة التي شُرع الحكم لتحقيقها، وذلك في المعاملات بخلاف العبادات التي يقف فيها المجتهد عند النص ولا يتوسع في تفسيره. وهذا أصل أكده الإمام الشاطبي وغيره، غير أنه في جميع الحالات إذا توصل المجتهد بهذا المنهج إلى حكم شرعي فإنه لا يحل تغييره أو تبديله.
وثمة فرق بين العبارتين؛ إذ إن عبارة التغيير والتبديل لأحكام الشريعة تُوهم أنها غير ملزمة للمكلف، وهذا رأي نسب إلى الطوفي الحنبلي، وهو منه بريء (راجع نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي – ص: 533، وما بعدها لكاتب التعليق)، إذ لم يقل بذلك أحد في تاريخ الاجتهاد الإسلامي. فقد نسب بعض المحدثين إلى الطوفي أنه يقدم المصلحة على النص والإجماع في المعاملات، ورموه بأنه أول من فتح باب الشر، وأن ما قاله "باطل" صادر عن "مضل" "فاجر" "ساقط"، ولا يقول بقوله إلا من هو "أسقط منه"، وأن رأيه في المصلحة "إلحاد مكشوف"، من أعار له سمعًا لم يكن له نصيب من العلم ولا من الدين، وأن مذهبه ليس غلطًا فقط من عالم حسن النية يحتمل التأويل، بل فتنة فتح بابها قاصد شر ومثير فتن. ويقول الغمام أبو زهرة عن الطوفي: "إن مهاجمته للنصوص وفكرة نسخها بالمصالح أسلوب شيعي"[7]، ويدافع الدكتور مصطفى زيد عن العلامة الطوفي، ويقول: "إن خطأه في الاجتهاد لا يعني أنه كان متلاعبًا بالمذاهب والعقائد"[8].
ثانيًا: هذه المعاملة ليست من باب المصالح المرسلة؛ لأنها وكالة في الاستثمار كما جاء في الفتوى. وقد بينت الشريعة الإسلامية شروط الوكالة وأحكامها. فليست مما سكتت عنه النصوص الشرعية، وهذه الأحكام باتفاق الفقهاء، هي:
1- وجوب النص على أجر الوكيل في عقد الوكالة، سواء كان مبلغًا مقطوعًا أو نسبة من المال المستثمر.
2- أن أرباح المال المستثمر كلها للموكل، وخسارته عليه بحكم أنه المالك للمال.
3- وجوب إمساك الوكيل حسابًا مستقلاً عن عمليات الوكالة تقيد فيه إيرادات العمليات ومصروفاتها؛ حتى تتحدد الأرباح التي يستحقها الموكل بعد خصم أجرة الوكيل.
والوكالة المُدَّعاة في الفتوى، رغم أنها مجرد خيال غير واقع، فهي وكالة باطلة؛ لأنها لم تستوفِ شروطها الشرعية، ولم يترتب عليها الأحكام التي رتبها الشارع عليها.
وخلاصة ردنا على الفتوى أنها لا تطبق على البنوك التي تعمل في مصر، ولا في غيرها من البلاد العربية؛ لأن مناط الفتوى غير متحقق في هذه البنوك؛ فهي ليست وكيلة في الاستثمار، ولا تملك الاستثمار والاتجار في الودائع بطريقة مباشرة بحكم القوانين المنشئة لها، كما أن توظيفها للمال غير مشروع؛ لأنها تقرضها بفائدة محرمة.
وإذا فُرض وجود نظام مصرفي يقوم على أساس الوكالة في الاستثمار؛ فإن هذه الوكالة يجب أن تتوافر شروطها الشرعية، وأن تترتب عليها أحكامها التي لا تُنافي مقتضاها.
إن البنوك الإسلامية تقوم بتلقي الودائع، واستثمارها بطريق مباشر، وبصيغ وعقود شرعية في عقد الوكالة في الاستثمار بجانب صيغ أخرى.

فوائد البنوك.. سجالات التحريم والإباحة


فتوى إباحة فوائد المصارف من د. طنطاوي إلى مجمع البحوث
أ. محمد البنا – أ. وسام فؤاد
في شهر أكتوبر من العام 2002 تجددت قضية الحكم الشرعي الخاص بفوائد المصارف، بعد أن كانت قد خمدت نارها إثر تتالي ردود العلماء الشرعيين وعلماء الاقتصاد الإسلامي على الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي، ترده إلى الحكم الشرعي في هذه القضية. وقد بدا آنذاك، ومع تتالي ردود العلماء على أطروحة أ.د. محمد سيد طنطاوي، ومع تزايد كثافة وثقل وحدة هذه الردود -أن الدكتور محمد سيد طنطاوي قد تراجع عن هذه الفتوى، بعد أن كان قد أصدر كتابًا يحوي نظرة أكثر عمقًا في تناوله لها، وهو الكتاب الشهير: "معاملات البنوك وأحكامها الشرعية"، وكانت مظنة رجوعه عن رأيه في تصريحه: من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر.
لكن تجددت القضية في إطار ظرفي مختلف، حيث أرسل الأستاذ الدكتور حسن عباس زكي عضو مجمع البحوث الإسلامية وزير الاقتصاد الأسبق رئيس مجلس إدارة بنك الشركة المصرفية العربية الدولية كتابا بتاريخ 22/10/2002 إلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر (اضغط هنا لتطالع نص الاستفسار)، يعيد فيه السؤال عن حكم استثمار الأموال في المصارف التي تقوم على تحديد الربح مقدمًا.
وقد أحال فضيلة الإمام الأكبر الكتاب ومرفقه للعرض على مجلس مجمع البحوث الإسلامية. وقد انعقدت جلسة مجلس المجمع في يوم الخميس 25 من شعبان سنة 1423هـ الموافق 31 من أكتوبر سنة 2002م (اضغط هنا لمطالعة أسماء أعضاء مجلس المجمع في هذه الآونة)، وعرض عليه الموضوع المذكور. وبعد مناقشات الأعضاء ودراستهم قرر مجلس المجمع في جلسة الخميس 23 من رمضان 1423هـ الموافق 28 من نوفمبر 2002م: الموافقة على أن استثمار الأموال في البنوك التي تحدد الربح مقدما حلال شرعا ولا بأس به. وقد صدرت الفتوى ممهورة بتوقيع الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي (اضغط هنا لمطالعة نص الفتوى).
من فتوى مجمع البحوث إلى تأصيل شيخ الأزهر
بالرغم من أن الفتوى محل التناول هي الفتوى التي أصدرتها الجلسة المذكورة لمجمع البحوث الإسلامية، وبالرغم من أن الدكتور محمد سيد طنطاوي أحد أعضاء هذا المجمع، فإن الفتوى لم تكن من الاتساع والتفصيل بحيث أحاطت بكل الأدلة الأساسية التي توفرت لدى المنافحين عن حكم إباحة فوائد المصارف.
ومن هنا كان الكتاب الذي أصدره أ.د. محمد سيد طنطاوي يمثل مرجعية للفتوى محل التناول، بما يمثله من تناول أعمق، وجمع أكثر شمولاً للأدلة التي تناصر هذا الرأي. ولهذا رأينا أنه من الأفضل الاستناد لتحليل الأدلة التي أوردها أ.د. محمد سيد طنطاوي في كتابه الشهير: معاملات البنوك وأحكامها الشرعية، في إطار مناقشة هذه الرؤية، وعرض استجابات العلماء لها.
ويرى الشيخ محمد سيد طنطاوي أنه لا مانع من التعامل مع البنوك أو المصارف التي تحدد الربح مقدماً فيقول: "إننا لا نرى نصا شرعيا ولا قياساً نطمئن إليه يمنع من تحديد الربح مقدماً، ما دام هذا التحديد قد تم باختيار الطرفين ورضاهما المشروع، ومع هذا من أراد أن يتعامل مع البنوك التي تحدد الأرباح مقدماً فله ذلك، ولا حرج عليه شرعا، إذ المقياس في الحرمة والحل ليس التحديد أو عدم التحديد للربح، وإنما المقياس هو خلو المعاملات من الغش والخداع والربا والظلم والاستغلال وما يشبه ذلك من الرذائل التي حرمتها شريعة الإسلام".(1)
أدلته على ما ذهب إليه:
واستدل على ما ذهب إليه بعدد من الأدلة، نجملها فيما يأتي:
1- إن مسألة التحديد للربح مقدماً أو عدم التحديد ليست من العقائد، أو العبادات التي لا يجوز التغيير أو التبديل فيها، وإنما هي من المعاملات الاقتصادية التي تتوقف على تراضي الطرفين.
2- إن الشريعة الإسلامية تقوم على رعاية مصالح الناس في كل زمان ومكان، وقد تبدو هذه الرعاية في ظاهرها مخالفة لبعض النصوص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- واستشهد في ذلك بحديث التسعير الذي رواه أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "قال الناس يا رسول الله غلا السعر فسعّر لنا فقال -صلى الله عليه وسلم-: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم أو مال".(2)
ثم قال بعد الحديث: فبالرغم من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يجبهم إلى ما طلبوه منه من تسعير السلع -إذ الأصل عدم التسعير- نجد كثيراً من الفقهاء أجازوا لولي الأمر تسعير السلع إذا غالى التجار في الأسعار، أو احتكروا ما لا غنى للناس عنه.
وخرج فضيلته بقياس غريب على ما تقدم فقال: وقياساً على ما تقدم فإن لولي الأمر إذا رأى -بعد استشارة أهل العلم والخبرة- أن مصلحة الناس تقتضي أن تحدد البنوك الأرباح مقدمًا لمن يتعاملون معها، فله أن يكلفها بذلك؛ رعاية لمصالح الناس، وحفظًا لأموالهم وحقوقهم من الضياع، ومنعًا للنزاع والخصام بين البنوك والمتعاملين معها، وهي مقاصد شرعية معتبرة.
3- لا مانع في الشرع من أن يقوم البنك المستثمِر للمال بتحديد ربح معين مقدما في عقد المضاربة الذي يكون بينه وبين صاحب المال الذي يضعه في البنك بنيةٍ ويقصد الاستثمار.
4- إن البنك لم يحدد الربح مقدما إلا بعد دراسة مستفيضة ودقيقة لأحوال السوق العالمية وبتعليمات وتوجيهات من البنك المركزي، الذي يعد بمنزلة الحَكَم بين البنوك والمتعاملين معها.
5- تحديد الربح مقدما فيه منفعة لصاحب المال، ولصاحب العمل: لصاحب المال؛ لأنه يعرفه حقه معرفة خالية من الجهالة.. ولصاحب العمل؛ لأنه يحمله على أن يجدّ ويجتهد في عمله.
6- إن هذا التحديد للربح مقدما لا يتعارض مع احتمال الخسارة من جانب المستثمر، وهو البنك أو غيره، لأنه من المعروف أن الأعمال التجارية المتنوعة إن خسر صاحبها في جانب ربح من جوانب أخرى.
7- خراب الذمم مما يجعل صاحب المال تحت رحمة صاحب العمل المستثمر للمال، وهو البنك أو غيره، والذي قد يكون غير أمين فيقول مثلا: ما ربحت شيئا، وقد ربح الكثير؛ مما يوقع في الظلم الذي نهت عنه الشريعة.
8- كما تدخل الحكام والفقهاء في تضمين الصناع لِما يهلك تحت أيديهم بسبب إهمالهم، فلولي الأمر أن يتدخل في عقود المضاربة بتحديد نسبة الربح مقدما وأن يكون رأس المال مضمونا، وهذا اللون يندرج تحت باب المصالح المرسلة.
9- لم يقل أحد من الأئمة: إن تحديد الربح مقدما في عقود المضاربة يجعله معاملة ربوية يحرم فيها الربح الناشئ عن العمل في المال المستثمر.(3)
هذه هي الأدلة التي استند فضيلة الدكتور طنطاوي إليها في فتواه بإباحة فوائد البنوك والتي أسماها "أرباحا".

نحو تأصيل فقهي للأقليات المسلمة في الغرب>...فقه الأقليات في التراث الفقهي

كتب (أ.د. عبد المجيد النجار ) .
لما نشأ الفقه الإسلامي وتوسع وتطور فإنه انبنى -في كل ذلك بوجه عام- على معالجة الحياة الواقعية للمسلمين، يروم تدبيرها في مستجداتها ومنقلبات أحوالها بأحكام الشريعة المنصوص عليها أو المستنبطة بالاجتهاد، فجاء في أنواع قضاياه ومستنبطات أحكامه، وفي منهجه وروحه العامة يعكس -إلى حد كبير- واقع الحياة الإسلامية فيما يطرأ عليها من الأطوار، وما تنقلب فيه من الأحوال، فيصوغ لكل تلك الأطوار والأحوال أحكاما شرعية من صريح النص أو من أصول الاجتهاد، ولم تكن الأحكام الافتراضية فيه إلا جارية على سبيل المران التعليمي، بل قد كانت منكرة عند بعض أئمة الفقه من كبار المجتهدين.
وواقع الوجود الإسلامي عند نشأة الفقه وطيلة فترة ازدهاره الحية بحركة الاجتهاد كان واقعا يقوم ذلك الوجود فيه على سلطان الدين الذي به تنتظم حركة العلاقات الاجتماعية كلها من تلقاء الأفراد والفئات فيما بينهم، ومن تلقاء الدولة التي تسوس الأمة سياسة شرعية، ولم يعرف ذلك الوجود جماعات واسعة من المسلمين تعيش في مجتمعات غير إسلامية يخضعون بها في علاقاتهم الاجتماعية العامة لسلطان غير سلطان دينهم، وقصارى ما كان يحصل في هذا الشأن وجود أفراد من المسلمين أو جماعات صغيرة منهم في مجتمعات غير إسلامية وجودا عارضا في الغالب بسبب ضرب في الأرض، أو إيمان بالدين ناشئ لم تتوسع دائرته ليصبح سلطانه غالبا، فلم يكن إذن ذلك الوجود للأقليات المسلمة ظاهرة بارزة ضمن الوجود الإسلامي العام.
وبسبب هذه المحدودية غير اللافتة للانتباه في ظاهرة الوجود الإسلامي الذي لا يخضع لسلطان الدين، مضافا إلى ذلك ما ذكرنا آنفا من أن البيان الديني في هذا الشأن كان بيانا جُمَليا عاما، فإن الاجتهاد الفقهي الذي كان يتصدى لحل مستجدات الواقع بأحكام الشريعة لم يتناول بشكل عميق موسع هذه الحال من أحوال الوجود الإسلامي بما هي ظاهرة غير ذات شأن بين في واقع المسلمين، وربما تناول قضايا جزئية محدودة منها، كانت تعرض للمجتهدين بين الحين والآخر فيصدرون فيها فتاوى وأحكاما في غير ما اهتمام شمولي عام بها كحالة من أحوال المسلمين ذات الوزن الواقعي المهم.
وربما طرأت في بعض مراحل التاريخ الإسلامي ظروف أصبحت فيها حال المسلمين الخاضعين لسلطان غير سلطان دينهم ظاهرة ذات شأن واقعي، وذلك مثل ما حصل للمسلمين عند سقوط الأندلس، ومثل ما كان من أمر المسلمين ببعض البلاد الآسيوية والأفريقية حينما تزايدت أعدادهم وتوسعت جماعاتهم مع بقائهم أقليات مسلمة في مجتمعات غير إسلامية تساس بسلطان غير سلطان الإسلام، ولكن هذه المراحل التاريخية التي أفرزت هذا الواقع الجديد للأقليات المسلمة وافت بالنسبة لمراحل تاريخ الفكر الفقهي مرحلة الضعف الاجتهادي والأيلولة إلى التقليد والجمود، فلم يكن هذا الفكر قادرا على أن يتناول هذه الظاهرة الجديدة بمعالجة فقهية أصلية شاملة، وظل في نطاق التقليد والجمود يردد المعالجات الجزئية الاجتهادية القديمة في طابعها الجزئي، أو يضيف إليها إضافات من الفتاوى ذات الطابع الجزئي أيضا.
وقد أسفر هذا الوضع المتعلق بوجود الأقليات المسلمة في طوريه مع اختلاف الأسباب بينهما عن أن المدونة الفقهية الإسلامية لم يكن لفقه الأقليات فيها بيان ثري يتناول في شمولٍ أحكام العلاقات الاجتماعية للمسلمين، وتصرفاتهم الاقتصادية، وسائر أحوال شؤونهم العامة فيما له صلة بالمجتمع غير المسلم الذي يعيشون فيه، والذي يسوسه سلطان غير سلطان دينهم يكونون هم خاضعين له كما يخضع له سائر المجتمع الذي يعيشون فيه، وإنما وجدت في هذه المدونة أحكام وفتاوى واجتهادات فقهية جزئية متفرقة في الغالب بين أبواب الفقه المختلفة، لا يجمعها جامع في باب موحد، ولا منهج شامل في النظر الفقهي.
وقد استصحب هذا الوضع في المدونة الفقهية بالنسبة لفقه الأقليات وضعا مشابها في مدونة أصول الفقه، إذ من المعلوم أن هذا العلم المنهجي قد نشأ متأخرا عن علم الفقه، وكان نشوؤه -في عمومه- استقراء من محررات الأحكام الفقهية، وليس وضعا ابتدائيا لقواعده المنهجية، فكان لهذا السبب متأثرا على نحو من الأنحاء بالمسار العام للفقه، وذلك فيما يتعلق بأحجام الاهتمام بقضايا الحياة الإسلامية، وشمول البيان فيها، وإن يكن هو من الناحية المنطقية الأصل الذي ينبني عليه الفقه، والذي يتوجه بتوجيهه.
ومن بين ما طاله استصحاب أصول الفقه لما جاء في المدونة الفقهية من شح في البيان المفصل ما يتعلق بالأقليات المسلمة الواقعة تحت سلطان غير إسلامي، فلئن كانت قواعد أصول الفقه وقوانينه وأحكامه ذات طابع منهجي عام، يشمل بالتقعيد المنهجي كل جزئيات الأحكام، ولا يختص ببعضها دون بعض، فإن توجه الأصولي الفقيه بكثافة وعناية إلى مجال من مجالات النظر الفقهي أكثر من توجهه إلى مجال آخر، من شأنه أن يؤثر في نظره الأصولي باستخراج قوانين وقواعد منهجية ذات علاقة أشد وأمتن بالمجال الفقهي الذي كان توجهه إليه أكثر كثافة وعناية، وبإنضاج تلك القوانين والقواعد بمحاكمتها التفصيلية التطبيقية إلى جزئيات الأحكام التي تنضوي تحت ذلك المجال.
ونتيجة لذلك فإن مدونة أصول الفقه -كما المدونة الفقهية- جاء فيها حظ التأصيل لفقه الأقليات حظا ضعيفا بالنسبة لغيره من الاهتمامات الأصولية، فهذا المجال الفقهي لم يوجه إليه التأصيل باهتمام مقدر في تقرير القواعد الفقهية وتوجيهها والتمثيل لها، وكذلك في تقرير أصول الاجتهاد فيه، وتطبيقاتها المختلفة الوجوه، وبقي الأمر في ذلك كله على حد القدر المشترك من الوجوه العامة في استنباط الأحكام من مداركها، وهو ما يلتقي عليه النظر الفقهي في كل مجال من مجالات الحياة حينما يكون سلطان الدين سائدا، دون خصوصية لأوضاع الأقليات المسلمة التي تعيش تحت سلطان غير ذلك السلطان.

كتب (طارق قابيل) فى بيتنا ...حرب كيميائية!

مواد كيميائية بسيطة، يستخدمها كل منا في بيته، محظور دخولها العراق لإمكانية تصنيع أسلحة كيميائية منها، كما أن بعضها محرم دوليا.. فهل ستستمر في استخدامها؟!!
اخترع العلماء أكثر من 80 ألفا من المواد الكيميائية الصناعية منذ الحرب العالمية الثانية. ونتج معظم هذه الكيماويات من مشتقات البترول والقار. تدخل 1000 مادة كيميائيّة جديدة إلى حياتنا كل سنة تقريبًا. وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن 91% من السكان يستعملون 150 مليون كيلوجرام من هذه السموم سنويًّا، معظمها يستخدم داخل المنازل.
وأضاف المصنعون هذه المواد إلى طعامنا، وإلى مياه الشرب وإلى منتجات التنظيف بدون موافقتنا وبدون إخبارنا بالأخطار الناجمة عن استخدام هذه المواد. ولقد استطاع رجال الصناعة تمرير كل ما يستجد من هذه المواد الصناعية عن طريق الإجراءات الصناعية التي يتفننون فيها لعدم إلزامهم بإجراء الاختبارات على الكيماويات الصناعية، وعن طريق صرف مليارات الدولارات سنويا على عمليات "غسل مخ" المستهلك عن طريق الإعلانات التجارية المبهرة
عفوا.. لا تتوافر معلومات عن السميَّة

حتوي منتجات التنظيف المنزلية ومنتجات العناية الشخصية على كثير من المواد الكيميائية الضارة. والمحزن والمثير للقلق في آن واحد هو أن نزرا قليلا من هذه المواد قد تم اختباره لتحديد معامل الأمان الحيوي والأضرار الناجمة عن تداوله. فاختبار قدرة مادة كيميائية واحدة من هذه المواد على إحداث السرطان يحتاج إلى 300 فأر، وأكثر من 300 ألف دولار أمريكي، وفريق من العلماء يتفرغون لمدة 3 سنوات.
وطبقًا لمجلس البحوث القومي الأمريكي، فهناك أكثر من 4.5 مليارات مادة كيميائية معروفة، 50 ألفا منها يتم توزيعها تجاريا ويستخدمها البشر، ولكن لا تتوافر معلومات متاحة عن السمية إلا لنحو 80% من هذه المواد. وقد تم اختبار التأثيرات الحادة الناجمة عن الاستخدام اليومي لأقل من 20% من هذه المواد، في حين أنه لم يتم اختبار التأثيرات المزمنة والمتراكمة على الصحة الإنجابية والقدرة على إحداث الطفرات إلا لأقل من 10% من هذه المواد فقط.
وجدير بالذكر أن معظم الاختبارات يتم إجراؤها بطريقة منفصلة، وليس هناك أي اختبار يتم إجراؤه على تداخلات هذه المواد أو الأضرار الناجمة عن تفاعلاتها أو اتحاد بعضها ببعض، وهو ما يكون في كثير من الأحيان أكثر خطورة وأشد فتكا بالبشر.
الكلور.. في كل مكان
أول مادة من المواد المستخدمة في تصنيع الأسلحة الكيماوية هي مادة نستخدمها بشكل دوري وبصورة يومية وهي مادة الكلور، ويطاردنا الكلور في كل مكان.. في مياه الشرب والاستحمام ، ولا يبدو أن هناك أي مهرب أو مفر منه!
ونادرا ما تجد عالِمًا يتداول الكلور بدون استخدام القفازات والأقنعة الواقية في أماكن جيدة التهوية! في المقابل يستخدم عامة الناس الكلور بطريقة خاطئة وبدون اكتراث في أعمال التنظيف، وفي غسل الملابس وفي غسل أطباق الطعام، وللأسف الشديد يتم استخدام هذه المادة الكيميائية الرخيصة بصورة مكثفة في تعقيم مياه الشرب في بلادنا. ولقد حققت الشركات المنتجة للكلور أرباحا هائلة، بالرغم من أن الأبحاث العلمية أثبتت أن الكلور يتصدر المواد المسرطنة ويمكن أن يكون مميتا.
أما عن إضافة مادة الفلوريد للمياه فقد ثبت أن ضررها أكثر من نفعها إذا كان لها منافع أصلا، فهي من أشد المواد سمية وأشدها خطرا على الإطلاق.
احترس من المنظفات المنزلية!
في كندا وحدها تحدث مليون حالة تسمم سنويا بسبب ابتلاع المنظفات المنزلية، وينتهي بعضها بوفاة الضحايا. وتعد سوائل تنظيف الأطباق من أهم أسباب التسمم المنزلي، ففي كل مرة نغسل فيها الأطباق تلتصق بعض الكيماويات بها، وتتراكم مع تكرار الغسيل، ويلتقط الطعام جزءا من هذه المواد المتخلفة وبخاصة إذا كانت الوجبة ساخنة!
وتحتوي معظم المنظفات المنزلية على مادة النشادر وهذه المادة قد تكون مميتة إذا اتحدت مع الكلور الذي يُستخدم في التبييض حيث ينتج اتحادهما مادة "الكلورامين" السامة.
وسوائل الغسالات الأوتوماتيكية مكتوب عليه "ضار إذا ابتُلع" ومعظمها يحتوي على مادة Naphtha المسكنة للجهاز العصبي المركزي، وعلى مادة diethanolsamine المسببة لتسمم الكبد، بالإضافة إلى مادة chlorophenylphenol التي تعمل كمنشط خاص للتمثيل الغذائي وهي مادة عالية السمية أيضا.
كما تحتوي منظفات الغسيل أيضا على الفوسفور والأنزيمات والنشادر والنفتالين والفينول ومواد أخرى لا يمكن حصرها. ويمكن أن تسبب هذه المواد الكيميائية أعراضا مرضية كالطفح الجلدي والحساسية وغيرهما. وفضلا عن التعرض المباشر لهذه المواد، يمتص الجسم عن طريق الجلد المواد الكيميائية المتخلفة من عمليات الغسيل في الملابس وفي ملاءات الأسِرّة.
أما المطهّرات فهي تتكون عادة من الفينول أو الكريسول، وهي مركبات تتسبب في تعطيل نهايات العصب الحسي، وتهاجم الكبد والكلى والطِّحال والبنكرياس والجهاز العصبي المركزيّ (CNS) ويستلزم العلاج سنة كاملة لإزالة الآثار الضارة غير الصحية الناجمة عن تعرض إنسان لأوقتين من هذه الكيماويات.
وأما عن معطرات الجو فهي تعطّل قدرتك على الشم بطريقة طبيعية، بعد أن تعطل أعصاب الشم الطرفية، وتغلف الممرات الأنفية بطبقة رقيقة من الزيت المعروف بـ methoxychlor وهو في الأصل نوع من المبيدات الحشرية التي تتراكم في الخلايا الدهنية وتتسبب في إثارة الجهاز العصبي المركزي!
المبيدات في الماء والغذاء والدواء
وعن مبيدات الآفات والمبيدات الحشرية المستخدمة داخل المنزل فحدث ولا حرج، فهي مسئولة عن الربو والالتهاب الرئوي والأكزيما والصداع النصفي وآلام المفاصل والعضلات لـ 16 مليون شخص في أمريكا، ويتزايد العدد يوميا. وتتراكم هذه المبيدات في الماء والغذاء وفي الدواء وفي معظم منتجات العناية الشخصية مثل معجون الأسنان والشامبو.
والمبيدات هي السبب الثاني للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن أن يؤدي استنشاق هذه المواد إلى الغثيان والكحّة وصعوبات التنفس والاكتئاب والتهاب العين والدوار والضعف العام وفقدان النظر والارتعاش وغيرها من الأعراض والأمراض. ويؤدي تراكم المبيدات في الخلايا الدهنية بالجسم على المدى البعيد إلى تلف الكبد والكلى والرئة، وقد يؤدي إلى الشّلل والعقم وخفض الخصوبة واختلال الوظائف الجنسية ومشاكل بالقلب والغيبوبة.
القمل أفضل من الشامبو!
تحتوي أنواع الشامبو المعتادة على مواد كيميائية عالية الخطورة أيضا، فكل شيء يلمس فروة الرأس يُمتص إلى المخ أولاً، ويجب التروي قبل استخدام مواد تبييض وتجعيد الشعر والصّبغات المخلقة صناعيا، ويستحسن اللجوء للبدائل الطبيعية كالحناء وغيرها من المواد النباتية المتداولة.
فعلى سبيل المثال: عادة ما تُستخدم المواد المشتقة من كبريتات الصوديوم وSodium laurel sulfate في تصنيع الشامبو ومعاجين الأسنان ومنتجات العناية الشخصية الأخرى، ويمتص المخ هذه المواد بسرعة، ويؤدي تراكم هذه المواد إلى فقدان البصر في النهاية.
أما أنواع الشامبو المخصصة للأطفال والتي يتهافت عليها الكبار قبل الصغار في بعض الأحيان بدعوى أنها رقيقة ولا تسبب إثارة للعين ولا تسبب إدماع العيون، فقد تكون أخطر من الأنواع العادية من الشامبو؛ لأنها تحتوي على بعض من أسوأ المواد الكيميائية، ومنها مواد مخدرة لإخفاء تأثيرات المواد الكيميائية المثيرة للعيون.
وقد يكون القمل أرحم في بعض الأحيان من المواد الكيميائية التي تُستعمل عادة لإبادته، فالكيماويات المستخدمة في التخلص من القمل يمتصها المخ بسرعة ومنها المكون الرئيسي مادة Lindane وهي مادة كيميائية ضارة للغاية وتسبب في إحداث نوبات مرضية والرعشة والسرطان، وقد تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان، في حين أن القمل لا يؤدي إلى مثل هذه الأضرار والعواقب!
أين المفر؟!
ما زال هناك العديد من المواد الكيميائية الضارة التي نستخدمها برغبتنا أو رغما عنا، ويحيط بنا التلوث في كل مكان، فما عسانا أن نفعل؟ وأين المفر؟.. الصورة ليست قاتمة إلى هذا الحد، والوقاية خير من العلاج كما يقولون، وهناك العديد من البدائل لتعقيم المياه مثل استعمال الأوزون بدلا من الكلور في التعقيم، أو استخدام مرشحات خاصة تمتص الكلور من مياه الشرب.
وغسل يديك بالماء البارد يعوق انتشار البكتيريا والجراثيم، في حين يشجع الماء الساخن نمو الكائنات الحية غير المرغوب فيها.
وغالبًا ما تكون البكتيريا أكثر أمنا من المواد الكيميائية التي تُستخدم للتخلص منها، ولكن يمكنك العودة للمنتجات الطبيعية فالخل يمكن استخدامه كمطهر بدلا من الكلور. ويمكن استخدام الموالح أيضا والتوابل والزيوت النباتية والمواد الطبيعية في أغراض التنظيف والعناية الشخصية.. فلا تسقط فريسة للإعلانات، فأنت لا تحتاج لكل هذه المواد لتنظيف جسدك وبيتك بقدر احتياج الشركات الصناعية للتربح من ذلك.
هوامش ومصادر:
Dwornick, Lorie (2002). Chemical Warfare Agents And Toxic Waste Disguised As Household Cleaning Products , 1-18-2

متخصص في علوم الوراثة الجزيئية والخلوية والتكنولوجيا الحيوية، عضو هيئة التدريس بقسم النبات –كلية العلوم– جامعة القاهرة.. يمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني الخاص بالصفحة oloom@islamonline.net

السجود لله

هل تعلم ان "جسمك" يستقبل قدرا كبيرا من "الأشعة الكهرومغناطيسية"يوميا؟؟!تهديها إليك الأجهزة الكهربائية التي تستخدمها ، والآلات المتعددة التي لا تستغني عنها ،والإضاءة الكهربائية التي لا تحتمل أن تنطفئ ساعة من نهار !!فـــــ"أنت" "جهاز" "استقبال" لكميات كبيرة من "الأشعة الكهرومغناطيسية"!!؟أي أنك "مشحون" بــــ"الكهرباء" وأنت لا تشعر !!هل لديك صداع ، وشعور بالضيق ، وكسل وخمول ، وآلام مختلفة ؟؟؟!لاتنسى هذه المعلومة المهمة وأنت تشعر بشيء من ذلك !!كيف الخلاص إذن ؟؟؟؟باحث غربي "غير مسلم" توصّل في بحثه العلمي إلى ..أن أفضل طريقة لتخلّص جسم الإنسان من الشحنات الكهربائيةالموجبة التي تؤذي جسمه أن "يضع جبهته على الأرض" "أكثر من مرة" !!؟؟لأن "الأرض سالبة" فهي "تسحب" الشحنات الموجبةكما يحدث في السلك الكهربائي الذي يُمَدَّ إلى الأرضفي المباني لسحب شحنات الكهرباء من الصواعق إلى الأرض .."ضع جبهتك على الأرض" حتى "تُفرغ الشحنات الكهربائية الضارة" ..ويزيدك البحث بيانا وإدهاشا حين يقول :الأفضل أن توضع الجبهة على "التراب ويزيدك إدهاشا أكبر حينما يقول :إن "أفضل" طريقة في هذا الأمر أن "تضع" جبهتك على الأرضو"أنت" في "اتجاه مركز الأرض" ، لأنك في هذه الحالة تتخلصمن الشحنات الكهربائية بصورة "أفضل وأقوى" !!وتزداد اندهاشا حينما تعلم ان "مركز الأرض " "علميا" :"مكة المكرمة" !!وأن "الكعبة" هي "محور الأرض" "تماما" كما "تثبت" ذلك الدراساتالجغرافية بـــــ"اتفاق" "المتخصصين" جميعا !!إذن فإن "السجود لله" في صلواتك – أيها المسلم –هو "الحالة الأمثل" لــــ"تفريغ تلك الشحنات الضارة" ..وهي "الحالة الأمثل" لــــ"قربك" من "خالق" هذا "الكون" و"مبدعه"سبحانه وتعالى ...
كتبها Mohammed AL Shamery and Doaa Daoud >>>>http://m85-h5ye.maktoobblog.com/