الأربعاء، أبريل 27، 2011

فوائـــــــــــــــد المحن


فــوائـــد الـمـحــن


قد ينظر الإنسان إلى الظواهر ويترك البواطن،
فينظر إلى آلام المخاض وينسى فرحة الميلاد،
إن الذهب حينما يستخرج خاماً لابد أن يوضع في النار حتى ينقى من الشوائب
ويصير ذا قيمة كذلك تفعل المحن بالمسلم،
قال تبارك وتعالى
: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}
(آل عمران: 141).


وفوائد المحن كثيرة منها:

أنها تظهر الصديق من العدو وتعرف الإنسان محبيه من مبغضيه فيظهرون وقت الشدة،
أما المحب فيقف بجانبك منصفاً، وأما المبغض فيقف وراءك شامتاً،
والشماتة ليست من خلق المسلم وفي الأثر "لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك"،


وفي المحن يبحث لك المحبون عن عذر، والمبغضون يبحثون لك عن عثرة،
والمنصفون يوازنون الأمور حتى يحكموا بالعدل...
وفي النهاية من المحن تأتى المنح.


ومن فوائد المحن

أنها تؤدى إلى مراجعة النفس ومعرفة مسارها ومن أين أُتيت،
فيصحح الإنسان مساره ويقاوم عيوبه فيصبح شخصاً آخر يقر ب الحق ولا يعاند بالباطل،
فيقر بخطئه ويعترف بذنبه ويتوب إلى ربه،
وإن هذا المثل كمثل رجل عند ولده فهو يحبه لكنه يجده يخطئ ويتنكب الطريق،
ومازال يتنكب حتى يخشى عليه من العثرات فهو من فرط حبه له، وإشفاقه عليه،
يقسو عليه ويلزمه بأمور شديدة حتى يصنع منه رجلاً،

ومن فوائد المحن

أنها تعرف الإنسان قدر النعمة التى هو فيها فيشكر الله عليها ويحافظ عليها،
إذ النعم منسيّة فإذا فقدت عُرفت،
فيجتهد بالحفاظ على النعم بطاعة الله وإتقان العمل، وسد الثغرات وإصلاح النية.


ومن فوائد المحن

أنها تخرج الطاقات الكامنة فتظهر قدرة الإنسان الحقيقية،
وتعوده الجد بعد أن تعود الكسل،والنشاط بعد الخمول، والعمل لدين الله
بعد أن أخذت الدنيا مجامع قلبه...
فمن المحن تأتى المنح.


ومن فوائد المحن

أنها تعرف الإنسان حقيقة الدنيا، وأنها بين لحظة وأخرى تنقلب على صاحبها،
ألا فليعمل لله فهو ضمان الفوز، ولا يشغل نفسه بالرزق والدنيا فهى آتية لا محالة.

ومن فوائد المحن

أنها تكفر الذنوب وتقرب من رب العباد
وفي الحديث: "لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشى على الأرض ولا خطيئة له".

ومن فوائد المحن

أنها تكسر القلب لله، وتزيل الكبر من النفس فيعود العبد ذليلاً بين يدى الله تعالى،
وحينئذٍ يعود القلب قريباً من الله، بعيداً عن الشيطان.
روى الإمام أحمد في كتاب (الزهد)،

ومن فوائد المحن

أنها تجعل بين الإنسان وبين الخطأ والزلل حاجزاً نفسياًعميقاً،
فلا يقع فيه مرة أخرى وتجعله يتخذ بعده سبيلا يرفعه ولا يخفضه، يعزه ولا يذله.


ومن فوائد المحن


أن الإنسان يحب من كان سببا في تنبيهه من غفلته،
فلولا أن الله سخره لبقى التراب على السطح ولظل المعدن مدفوناً في الشوائب


الاثنين، أبريل 25، 2011

وسقطت الاقنعة

قال رب العزة من فوق سبع سموات "يا عبادي، إني حَرَّمْتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَموا"
 ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109) وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ (النساء) 

.
.
قال الله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) [الحجرات:12].

{وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا } سورة النجم(28).


روى مالك بإسناده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث))


سوء الظن أخطر الآفات التي تخترق نسيج مجتمعنا الإسلامي

كثرة العلل و الآفات التي أصبحت تخترق نسيج مجتمعنا الإسلامي، ولعل آفة سوء الظن بالآخرين من أكثرها خطورة وضراوة ، لما لها من آثار مهلكة ، على المصاب بها وعلى أسرته ،و من يتعاملون معه ، بل أنها قد تتعدى ذلك لتنخر في كيان المجتمع الإسلامي بأسره ، فيصاب بالوهن والضعف ، وتنشأ الخلافات و المنازعات الأمر الذي يسعى إليه أعدائنا كي يسهل عليه العدوان علينا والنيل منا.. ولخطورة سوء الظن وما يحدثه فقد أكد الشارع الحكيم عالم الغيوب على ضرورة اجتنابه .. وعلى النقيض تماما من ذلك يأتي سلوك حسن الظن، ليحقق سعادة المسلم ، ويدعم روابط الإخاء والألفة، فلا تحمل النفوس غلاًّ ولا حقدًا ، و تسود المودة والرحمة والتسامح بين أبناء المجتمع ، ومن ثم تتآلف قلوب المسلمين وتتوحد الأمة ، ويصعب على الشيطان إيجاد سبيلا لوسوسته في القلوب وتفشل محاولاته في غرس بذور الخلاف والضعف والكراهية ،ولا يجد من يتربصون بالأمة فرصة للجهر عليها ,,
حقيقة سوء الظن :هو أن المرء يتصور في الناس أشياء ليست فيهم صورها له شيطانه، وهواه فليس معه دليل قاطع وبرهان ساطع واضح يدل على ما وقع في نفسه من ظنون، ولكنه أقنع نفسه بهذا الشيء الذي ظنه، ثم بنى على ذلك أموراً أخرى فاستسلم لهذا الظن أولاً، ثم بنى سائر تعاملاته عليه.


و ينصح المصاب بهذا الداء أن يدرك خطره ، وأنه بأتباعه يرتكب معصية وذنب عظيم يجره إلى ذنوب أخرى، والى تحويل حياته إلى جحيم ،حيث يقطع سوء الظن صلات القربى ويزرع بذور الشر ويلصق التهم بالأبرياء بلا سند أو دليل .. و أن يستبدل هذا بما هو خير، فيظن دائماً بمن حوله الظن الحسن.


و انه هناك مجموعة من العوامل تقف وراء وجود سوء الظن لدي البعض وهي في :

أولا : تمكن الشيطان من قلب الإنسان وذلك يكون بسبب ضعف الإيمان وعدم الثقة بالله .

ثانيا: عدم الاتقاء والابتعاد عن مواطن الشبهات والتهم ، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوه حسنه، فعن زوجته السيدة صفية بنت حيي قالت: "أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت لتنصرف، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يوصلها، فمر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله و انصرفا مسرعين فنادهما، فقال لهما: "على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي". (رواه البخاري)، فقالا: وهل نظن بك إلا خيرا يا رسول الله ؟ قال : أن الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم , و خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا.

ثالثا : وجود الأشرار و أهل السوء فالشخص السيئ يظن بالناس السوء ، ويبحث عن عيوبهم ، ويرهم من حيث ما تخرج به نفسه .. أما المؤمن الصالح فانه ينظر بعين صالحه ونفس طيبة للناس يبحث لهم عن الأعذار، ويظن بهم الخير .

رابعا : يأتي عن جهل أو عدم علم يقول تعالى: {وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا } سورة النجم(28).

تزكية الإنسان نفسه واتهام غيره، ولقد نهان المولى عن ذلك
ويجب أن نقي أنفسنا من الشر القابع بداخلها ، و أن لا نقترب من مواطن الشبهات ، و نستعين بالله من الشيطان الرجيم ،وإذا كان العمل الصادر عن المسلم يحتمل وجها يكون فيه خيرا , وأكثر من وجها لا يكون فيها إلا شرا , فينبغي حمل هذا العمل على وجه الخير المحتمل، و تجنب الحكم على النيات , فهذا من أعظم أسباب حسن الظن؛ حيث يترك العبد السرائر إلى الذي يعلمها سبحانه وحده ، و علينا التماس الأعذار، واستحضر حال الصالحين الذين كانوا يحسنون الظن ويلتمسون المعاذير حتى قالوا: التمس لأخيك سبعين عذراً.. كم أن علينا أن ندرك أن سوء الظن مدخل من مداخل الشيطان إلي قلب المسلم كي يفسد عليه دينه ودنياه ، ويحاسب عليه في الآخرة . و تنبه د. الهام إلي حسن الظن لا يعني إلا يكون الإنسان يقظا في معاملاته مع الآخرين فيحتاط للأمور ، ويتعامل مع الآخرين بفطنة وذكاء وحرص.

سوء الظن بالمسلمين من اكبر الكبائر :
وهو أيضًا من الكبائر، فمن حكم على غيره بشر
بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره
وعدم القيام بحقوقه وإطالة اللسان في عرضه
والتجسس عليه، وكلها مهلكات منهيٌ عنها.
وقد قال بعض العلماء:
وكل من رأيته سيئ الظن بالناس طالبًا لإظهار معايبهم
فاعلم أن ذلك لخبث باطنه،
وسوء طويته؛ فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه،
والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه.
فإياك أخي والظن،
وادع ربك أن يصرف عنك خواطر السوء،
وإن لم تستطع أن تدفع عن نفسك فلا أقل
من السكوت وعدم الكلام بما ظننت لعلك تسلم.

فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة
وإلاَّ فإني لا إخالك ناجيًا.


الوقوع فى الشبهات


روى البخاري رقم
(4547) ومسلم رقم (2665) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخرمتشابهات} إلى قوله: {أولو الألباب} قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) انظر إلى التوجيه النبوي (فاحذروهم ).


وقال العلامة السعدي رحمه الله: (الشبه الباطلة والمقالات الفاسدة تختلف نتائجها وثمراتها باختلاف الناس فتحدث لأناس الجهل والضلال ولأناس الشك والارتياب ولأناس زيادة العلم واليقين أما الذين تلتبس عليهم ويعتقدونها على علاتها أو يقلدون فيها غيرهم من غير معرفة بها بل يأخذونها مسلمة فهؤلاء يضلون ويبقون في جهلهم يعمهون وهم يظنون أنهم يعلمون ويتبعون الحق وما أكثر هذا الصنف فدهماء أهل الباطل كلهم من هذا الباب ضلال مقلدون وأما الذين تحدث لهم الشك فهم الحذّاق ممن عرف الشبه وميز ما هي عليه من التناقض والفساد ولم يكن عنده من

البصيرة في الحق ما يرجع إليه فإنهم يبقون في شك واضطراب يرون فسادها وتناقضها ولا يدرون أين يوجهون وأما الذين عندهم بصيرة وعلم بالحق فهؤلاء يزدادون علما ويقينا وبصيرة إذا رأوا ماعارض الحق من الشبه واتضح لهم فسادها ورأوا الحق محكما منتظما فإن الضد يظهر منه بضده ولهذا كانت معارضات أعداء الرسل وأتباعهم من أهل العلم والبصيرة لا تزيد الحق إلا يقينا وبصيرة


وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: (... والقلب يتوارده جيشان من الباطل جيش شهوات الغي وجيش شبهات الباطل فأيما قلب أصغى إليها وركن إليها تشرّبها وامتلأ بها فينضح لسانه وجوارحه بموجبها فإن أشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والإيرادات فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه وقال لي شيخ الإسلام وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلا بها، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعهابصلابته وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات. فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك، وإنما سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها، فإنها تلبس ثوب الحق على جسم الباطل وأكثر الناس أصحاب حسن ظاهر فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس فيعتقد صحتها... وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه من الألفاظ ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه من الألفاظ ومن رزقه الله بصيرة فهو يكشف بها حقيقة ما تحت تلك الألفاظ من الحق والباطل ولا يغتر باللفظ كما قيل في هذا المعنى:

تقول هذا جني النحـل تمدحـه ... وإن تشأ قلت ذا قي الزنابير

مدحا وذما وما جاوزت وصفهما ... والحق قد يعتريه سوء تعبير

العدل بَلَغَ من عظمته أن الله سمَّى نفسه به، فهو العدل.. العدل المطلق.. ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ (النساء: 40)، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (فصلت:46).. العدل أمر الله به البشرية منذ خَلَقَها ومنذ أقامها وأرسل إليها الرسل، فجعلَ لكل جانٍ عقوبةً مناسبةً للجناية التي جَنَاهَا، وأمر الناس أن يُقِيمُوا العدلَ فيما بينهم؛ حتى لا يزولَ ملكُهم ولا تدول دولتُهم.. العدلُ هو سِرُّ بقاء الأمم ولو كانت كافرة، وغيابُه هو سرُّ هلاك الأمم ولو كانت مسلمةً.. قال العلماء: إن الله تبارك وتعالى يَنْصُر الدولةَ العادلةَ ولو كانت كافرةً، ويهلك الدولةَ الظالمةَ ولو كانت مسلمةً..!!

لا تَظلمنَّ إذا ما كُنتَ مُقتدِرا   فالظلمُ تَرجع عُقبَاهُ إلى النَّدَمِ
تَنَامُ عينُك والمظلوم مُنْتَبِهٌ  يدعو عليك وعَيْنُ اللهِ لم تَنَمِ

إنَّ أشدَّ الناس حمقًا مَنْ يجامل الظالم في ظُلمه؛ لأنه لم يَسْتَفِدْ شيئًا بهذه المُجاملة، وإنما بَاعَ آخرتَه لِيكسب غيره دنياه، "أشد الناس حمقًا من باع آخرته بدنيا غيره"، باع آخرته ليكسب غيره، حينما لا يقول كلمة الحق.. الظلم جرثومةٌ متى فشت في أُمَّةٍ أهلكها الله عز وجل.

 
فأَخْذُ الناس بالشبهة ظلمٌ مُبينٌ وإثمٌ كبيرٌ، وإفكٌ يرى صاحبُه عاقبةَ أمره عند الله خُسرانًا مبينًا؛ ولهذا كان الحبيب- صلى الله عليه وسلم- يقول: "ادرءوا الحدودَ بالشبهات"، ويقول:"ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فمن وجدتم له مخرجًا فخَلُّوا سبيله".. هذا هو العدل.. العدل ألا يُؤخَذَ إنسانٌ بشبهةٍ ما دام لم يرتكب ما يُوجِب العقوبة، ولا يجوز سَوْقُ الناس إلى التعذيب تحت وطأة الشبهات، بزعم أن هذا هو السبيل لكشف الحق.. فهذا باطل. روى داود بن فرقد، عن أبي شيبة، عن أحدهما عليمها السَّلام قال: «الوقوف عند الشبهة خيرٌ من الاقتحام في الهلكة».

قال النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ: «دع ما يريبك لما لا يريبك».

الشبهات نجا من المحرمات، و مَن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لا يعلم».

وقد ابتلانى الله باناس اشهد الله وملائكته انى قد احترمتهم واحببتهم على مدى ثلاث سنوات كاملة لم يروا منى اذى ولم اظلم منهم احدا ( واتحداهم ان قالوا غير ذلك ) واذا بهم وبدون سابق انذار يوجهون الى شخصى اتهامات اقل ما توصف انها سخيفه ووقحة فى ذات الوقت
اتهامات مبنية على سوء ظنونهم وتلبسهم بالشبهات واخذهم بها دون تحرى او تتدقيق او تحقيق ، يرفضون ان يقدموا دليلا واحدا على اتهاماتهم الباطلة تلك التى تنتقص من عرضى وسمعتى لانه وببساطة لايوجد لديهم اى ادلة الا ما كان من سوء سريرتهم قبحهم الله
وبكل عناد وتكبر ماضون فى مخططهم وسوء ظنونهم دون ان يراعو فى الله الا ولا ذمة ، والادهى انهم بسوء ظنونهم يطعنون فى ادلة برائتى دون ان يروها ودون ان يمسكوها فى ايديهم ليتحروا كيفما شاءو
ساقهم سوء الظن الى الظلم والطغيان بعد ان عميت بصائرهم عن نور الحق وضياءه الذى ملاء ما بين الارض والسماء
ولا يعلعمون انهم بسوء ظنونهم  هم ومن تبعهم فى فلكهم يتسببون  فى زرع الأحقاد والضغائن فى القلوب، لأن فيها ضياع حقوق الناس وظلمهم وطمس معالم العدل والإنصاف، ومن شأنها أن تعين الظالم على ظلمه
 ( الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو )
فلم يراعو حتى حرمة هتك عرض المسلمين التى قال عنها الرسول الكريم فى خطبة الوداع

المؤمن حرام على المؤمن، كحرمة هذا اليوم لحمه عليه حرام أن يأكله ويغتابه بالغيب، وعرضه عليه حرام أن يخرقه، ووجهه عليه حرام أن يلطمه، ودمه عليه حرام أن يسفكه، وحرام عليه أن يدفعه دفعة تعنته

تعرضوا لاخطر المعاصى والذنوب وتلبسوا بها من سوء ظن لاخذ بالشبهات لغيبة ونميمة وهز ولمز وذكر اخاهم المسلم بما يكرهه وقد نسوا قوله تعالى
{وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}

ونسوا ايضا

قول ال
رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أربى الربا الإستطالة فى عرض المسلم بغير حق )رواه أحمد وأبو داود وصححه الألبانى فى صحيح الجامع ( 2203 )الإستطالة فى عرض المسلم : أى غيبته وذكره بالمكروه والعيب.وعن انس قال رسول الله . "لما عرج بى مررت بقوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم و صدورهم فقلت :من هؤلاء يا جبريل؟قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس و يقعون فى أعراضهم. (رواه احمد و صححه الالبانى). وعن جابر قال :كنا عند النبى . فهبت ريح منتنه فقالرسول الله . : اتدرون ما هذه الريح ؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين (رواه أحمد و صححه الالبانى). وقال عدي بن حاتم: الغيبة مرعى اللئام.وقال أبو عاصم النبيل : لا يذكر في الناس ما يكرهونه إلا سفلة لا دين له . الآداب الشرعية - (ج 1 / ص 6).

وايضا
( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) [الإسراء:36]

{ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت }
وهم لا يستشعرون خطر ما يقدمون عليه ولا يتورعون عن غيبتى واتهامى بين الناس بالباطل ناسين
أن رسول الله قال: { أتدرون ما الغيبة؟ } قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: { ذكرك أخاك بما يكره } قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: { إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته } [رواه مسلم].
وقوله { ألا أنبئكم ما العضة؟ هي النميمة بين الناس } [رواه مسلم]،
وهم لا يعرفون ان النميمة توجب عذاب القبر وقد استهانوا بها فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله  مر بقبرين فقال: { إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير } ثم قال: { بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة } [متفق عليه].
وانى لهم ان يعرفوا هذا ما دامت هذه سجيتهم وهويتهم

ولكن هيهات هيهات فان ربى لهم بالمرصاد نصرنى وايدنى من قبل ان يعرفونى واعرفهم وان نصر الله لقريب
ولقد تمرست دوما وبرغم كل ما مررت به من محن ان انظر الى الجانب الايجابى فى كل محنة
والجانب الايجابى هنا يتمثل فى ثلاث نقاط
الاولى هو ان الابتلاءات نعم من عند الله تساعد فى التقرب اليه وانا اشكرهم على صنيع معروفهم هذا
الثانية انها اظهرت لى معادن بعض من اندعت فيهم لسنوات طوال وصدق من قال ( الناس معادن لا تعرفهم الا وقت الشدائد)
الثالثة هو ذلك الرصيد الهائل من الحسنات الذى اكتسبته من دون عناء او مشقة ، فلكم اغبطت هذا واذا ما افرغت حسنات من اتهمنى فى عرضى وشرفى وانتقصنى من دون حق بين الناس بالغيبة والنميمة طرحت عليه من سيئاتى ، فوالله لهو فضل من الله لو يعلمون .

والى اولئك الذين استمعوا اليهم ولم يردوا غيبتى
اتوجهه لهم بسؤالى هذا
هل رايتم منى مكروها قط ؟
هل آذيتكم من قبل ؟
هل رايتم ما قالوا لكم حقا ولمستم هذا بانفسكم ؟
لماذا صدقتموهم ؟
هل سيغنون عنكم من يوم القيامة ؟
هل سيتحملون وزركم يوم لا ينفع مال ولابنون ؟
اقول لكم
حسبى الله ونعم الوكيل
اقرأوا كلماتى التالية عل وعسى ان تجد صدى فى قلوبكم ان كانت لكم قلوب تعقلون بها
أيها المسلمون لقد صور الله الإنسان الذي يغتاب إخوانه المسلمين بأبشع صورة مُثلت بمن يأكل لحم أخيه ميتاً ويكفي قبحاً أن يجلس الإنسان على جيفة أخيه يقطع من لحمه ويأكل.
أيها المسلمون إن الواجب عليكم إذا سمعتم من يغتاب إخوانه المسلمين أن تمنعوه وتذبوا عن أعراض إخوانكم ألستم لو رأيتم أحداً قائماً على جنازة رجل من المسلمين يأكل لحمه، ألستم تقومون عليه جميعاً وتنكرون عليه. إن الغيبة كذلك تماماً كما قال الله تعالى: ( ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ) [الحجرات:12]، ولا يبعد أن يعاقب من يغتاب إخوانه يوم القيامة فيقربون إليه بصورة أموات ويرغم على الأكل منهم كما روي في ذلك حديث عن النبي ولقد مر النبي ليلة المعراج بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال: { من هؤلاء يا جبريل؟ } قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم، وقال عليهم الصلاة والسلام: { يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإن من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته يفضحه في بيته } يعني ولو كان في بيته.
أيها المسلمون إن كثيراً من أهل الغيبة إذا نُصحوا قالوا: نحن لا نكذب عليه هو يعمل كذا ولقد قيل للنبي : أرأيت إن كان في أخي ما أقول، قال: { إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته } فبين لأمته  أن الغيبة أن تعيب أخاك بما فيه أما إذا عبته بما ليس فيه فإن ذلك جامع لمفسدتين: البهتان والغيبة. ولقد نص الإمام أحمد بن حنبل وفقهاء مذهبه على أن الغيبة من كبائر الذنوب فاحذر أيها المسلم منها واشتغل بعيبك عن عيب غيرك وفتش نفسك هل أنت سالم فربما تعيب الناس وأنت أكثرهم عيباً وإن كنت صادقاً في قولك مخلصاً في نصحك فوجدت في أخيك عيباً فإن الواجب عليك أن تتصل به وتناصحه. هذا هو مقتضى الأخوة الإيمانية والطريقة الاسلامية.
أما الداء الثاني الذي انتشر بين بعض الناس فهو داء النميمة وهي أن ينقل الكلام بين الناس فيذهب إلى الشخص ويقول قال فيك فلان كذا وكذا لقصد الإفساد وإلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين وهذه هي النميمة التي هي من كبائر الذنوب ومن أسباب عذاب القبر وعذاب النار قال النبي : { لا يدخل الجنة نمام } ومر بقبرين فقال: { إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ـ أي في أمر شاق تركه عليهما ـ أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة }.
أيها المسلمون: إن الواجب على من نقل إليه أحد أن فلان يقول فيه كذا أن ينكر عليه وينهاه عن ذلك وليحذر منه فإن من نقل  إليك كلام الناس فيك نقل عنك ما لم تقله، قال الله تعالى: ( ولا تطع كل حلاف مهين همّاز مشّاء بنميم ) [القلم:11،10] ).

يا من نسي قوله تعالى : { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ( سورة قّ : الآية 18) . وتطاول على أعراض الناس ليلاً ونهارا ، سراً وجهارا، تذكّر أن من هتك حرمة أخيه المسلم هتك الله حرمته لما ثبت عن أبي برزة الأسلمي أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ قلبه : لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتَّبعوا عوراتِهم ، فإنه من اتَّبع عوراتهم يتَّبع الله عز وجل عورتَه ، ومن يتَّبع الله عورته يفضحه في بيته " ( رواه أبو داود ، الحديث رقم 4880 ، ص 731 ) .

وتأملوا معى تلك الوقفة الهينة

هل لو انى اخبرتكم ان فلانا سىء الخلق ثم اختلقت لكم قصة من خيالى أؤيد بها دعواى ، فهل صدقتمونى ؟؟  فعلام تصدقوننى ولم تتحروا الحقيقة ، لماذا تستمعون الى من اغتاب وقد علمتم غيبته وتتركون المغتاب فى حقه دون ان تستمعوا له ، لماذا تصدرون احكامكم بعيدا عن ابسط قواعد المنطق والعدالة ؟، لاسيما اذا اضفنا الى هذا انكم ل تروا من هذا الانسان الذى ذكرته لكم مكروها او أذى ؟
هل تعلمون ان يفعل هذا من الممكن ان يفعله معك انت ايضا .لو كان هناك من اخبرنى عن سوء سريرة احدكم ما كنت اتخذت موقفكم هذا ابدا وليس لى ان احكم بالظواهر او بما سمعت من السنة الناس فهو بعيد كل البعد عن اقل اقل مراتب التقوى والايمان .


والى من اقترفو بحقى الذنوب
والله ان يوم الفصل لآت وانى لمختصمكم امام رب العزة فى المحكمة الالهية وقد رضيت به حكما
وانى لاحمد ربى الله انه هو من سيحاسبنى وثقتى به ليست لها حدود .
تذكروا بان الله منتقم جبار وانه لسوف يريكم سوء صنيعكم فى دنياكم قبل مماتكم

حسبى ربى لا اله الاهو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
والله لن اسامحكم ابدا على ما فعلتوه بحقى وبحق من ماتوا وتركوا لكم دار الباطل وذهبوا الى دار الحق
استمروا فيما انتم فيه فوالله ما كان لكم ان تؤذونى لا بشىء قد كتبه الله لى ، وهو خير عظيم لو تعلمون .
( قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا ونعم النصير )
ولو كنتم صادقين فيما ذهبتم اليه من اكاذيب لكنت قدمتم ادلتكم
( قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين )



الأحد، أبريل 24، 2011

الانسان الجديد ( د/ فتح الله كولن )

لإنسان الجديد ممتلئ بالفكر، ملتهب بعشق البحث، مفعم بالإيمان، قابل للوجدانيات، متشبع بنشوة الروحانية ومعانيها... إنسان يبدي كفاءة من نوع آخر في سبيل بناء عالمه، مستفيدا من إمكانيات عصره إلى أقصى حد، متمسكا بمبادئه وقيمه الذاتية.
الإنسان الجديد، هو إنسان يحمل في قلبه إيـمان أجداده الأجلاّء، ويفكر تفكير أعلام حضارته العظماء، ويمتلئ مثلهم رغبة في إسماع صوته وإظهار قوة رسالته للبشرية جمعاء... ومثلهم كذلك يسطع نورا في كبد الظلام فيضيء الأرجاء برمتها... يؤدي واجبه هذا بصدق ووفاء غير محدود، معتصما بالحق متمسكا بالرسالة السماوية في كل لحظة.. يتألم ويئن، يموت ويحيا من أجل إحياء الحق وإنهاضه. فهو دائما على أهبة الاستعداد للتخلي عن المال والولد والغالي والنفيس، ولن تكون سعادته الشخصية بغيته أو همه أبدا، بل همه الوحيد ألا يضيع بذرة واحدة من البذور الصالحة التي منحها له الحق تعالى، بل ينثرها كلها بدقة فائقة على سفوح العناية الربانية من أجل مستقبل الأمة القريب والبعيد... ثم يرتقب مكابدا آلام مخاض جديد، يتلوى ويتأوه ويئن ويقلق، ويبتهل إلى المولى عز وجل في أمل، يموت ويحيا في اليوم ألف مرة ومرة. فالسير في سبيل الحق والفناء فيه غايته الوحيدة في الحياة، وانفلات هذه الغاية من بين يديه -في نظره- خسارة لا تعوض أبدا.
الإنسان الجديد يستخدم جميع وسائل الاتصالات الحديثة؛ كتباً وجرائد ومجلات، وإذاعة وتلفازاً ومنشورات للولوج إلى القلوب والنفوذ إلى العقول والدخول إلى الأرواح، ويثبت جدارته من خلالها مرة أخرى، بل ويسترد مكانته المسلوبة في التوازن العالمي من جديد.
الإنسان الجديد، هو إنسان عميق من حيث جذوره الروحية، متعدد من حيث ما يملكه من كفاءات صالحة للحياة التي يعيش في أحضانها. إنه صاحب القول الفصل في كل الميادين بدءا من العلم إلى الفن ومن التكنولوجيا إلى الميتافيزيقيا، وصاحب خبرة ومراس في كل ما يخص الإنسان والحياة. أجل، إنه عاشق لا ينطفئ ظمؤه إلى العلوم مهما نهل، مولع بالمعرفة ولعاً لا يفتأ يتجدد كل حين، عميق بأبعاده اللدنية التي تعجز العقول عن تصورها.. وهو بهذه الخصال كلها يسير جنبا إلى جنب مع سعداء عصر السعادة وينافس الروحانيين في سباق معراجي جديد كل يوم.
الإنسان الجديد متشبع بحب الوجود كله، حارس للقيم الإنسانية وراصد لها. فهو من جهة يحدد موقعه وينشئ ذاته على أساس الأخلاق والفضيلة التي تجعل من الإنسان أنسانا مثاليا، ومن جهة أخرى يحتضن الوجود كله بقلبه الواسع وشفقته الشاملة، ويسعى دائما من أجل إسعاد الآخرين. وفي الوقت الذي يقوم بوضع المعايير لنفسه، يقوم أيضا بوضع مقاييس حول كيفية التعامل مع الأشياء والناس الذين كتب عليه العيش معهم؛ وإذا ما سنحت له الفرصة سعى جاهدا لتحقيق معاييره وخططه التي وضعها. فهو لا يتوانى أبدا عن متابعة كل ما هو إيجابي فيما حوله وعن الحفاظ عليه، وحث الآخرين على ذلك... وهو يشن حربا على كافة المساوئ، وهو كالقوس المشدود، مستعد دائما لإزالة هذه المساوئ واقتلاعها من تربة المجتمع الذي يعيش فيه. وهو مؤمن ذاق حلاوة الإيمان، ومن ثم يدعو الجميع إلى رحاب الإيمان. العبادة -عنده- جمال مطلق وهو لسانها... يقرأ الكتب التي ينبغي أن تُقرأ، ويوصيها للآخرين؛ ولا يبرح يشجع الصحف والمجلات التي توقر جذورنا الروحية وتبجل أصولنا المعنوية... يتنقل من شارع إلى شارع آخر حاملا كل ما يحتاج إليه أبناء وطنه وأمته، ومن ثم فهو رمز للمسؤولية السامية.
الإنسان الجديد يملك طاقة بنّاءة وروحا مؤسِّسا، يبتعد عن النمطية بشدة، يعرف كيف يجدد نفسه مع الحفاظ على جوهره، ويعرف كيف يروّض الأحداث فتأتي لأمره طائعة خاضعة. يسبق عصره فيسير أمام التاريخ قدُما على الدوام بهمّة تتجاوز حدود إرادته، وشوق عارم وحب عميق واعتماد بالله عظيم. إنه مثال للتوازن التام بين الأخذ بالأسباب والاستسلام لرب الأسباب.. مَن رآه دون معرفة به، ظنه عابدا للأسباب أو معطّلا لها؛ بينما الحقيقة ليست هذه ولا تلك.. لأن الإنسان الجديد، بطل التوازن بكل ما تعنيه كلمة التوازن؛ فهو يرى أن الأخذ بالأسباب من واجبه، والتسليم للحق تعالى من صميم إيمانه.
الإنسان الجديد فاتح ومكتشف معا، يغوص كل يوم في أعماق أعماق ذاته، ويطلق شراعه على الفضاء الشاسع دوما فينصب رايته على أبراج جديدة كل حين، ويلح على طرق الأبواب المكنونة وفتحها في الآفاق والأنفُس. وكلما بلغ بفضل إيمانه وعرفانه إلى أسرارِ ما وراء الوراء ازداد شوقا ورغبة، وظل يتنقل بخِبائه من ربع إلى ربع آخر في عوالم وراء وراء الأبعاد. وأخيرا يأتي يوم تخاطبه الأرض بما تكنزه في باطنها، وتنفلق البحار بعصاه السحرية لتنبثق اللآلئ من أعماقها، وتتفتح له أبواب السماء على مصاريعها وتستقبله بالتأهيل والترحاب.

الثلاثاء، أبريل 19، 2011

النميمة

(وَلَا  تُطِعْ   كُلَّ   حَلَّافٍ   مَّهِينٍ.   هَمَّازٍ   مَّشَّاء   بِنَمِيمٍ.   مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ.)

النميمة

تعريفها: هي نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد.

حكم النميمة:
فهي محرمة بإجماع المسلمين وقد تظاهرت على تحريمها الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهي كبيرة من كبائر الذنوب.

فإذا رأيت من نفسك إيذاء لأخيك أو أختك في الله بالغيبة أو بالسب أو بالنصيحة أو بالكذب أو غير هذا ، فاعرف أن إيمانك ناقص وأنك ضعيف الإيمان ، لو كان إيمانك مستقيما كاملا لما فعلت ما فعلت من ظلم أخيك.

آثارها: التَّفرقة بين الناس، قلق القلب، عارٌ للناقل والسامع، حاملة على التجسُّس لمعرفة أخبار الناس، حاملة على القتل، وعلى قَطْع أرْزَاق النَّاس،

ماذا نفعل اذا سمعنا أشخاص يسعون في النميمة؟
عدم الجلوس معهم ؛ لقول الله سبحانه وتعالى : وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ.
وقوله عز وجل : وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.( خرجه الإمام مسلم في صحيحه) .

عقابها:
جاء في الحديث: " لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ" رواه البخاري ومسلم.

قال تعالى : (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ . هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) (سورة القلم:10،11)
النَّمَّامُ شُؤْمٌ لَا تَنْزِلُ الرَّحمة على قوم هو فيهم.

النميمة من الأسباب التي توجب عذاب القبر لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة متفق عليه .
في حديث أحمد: " شِرَارُ عباد الله المشَّاءون بالنَّميمة المُفرِّقون بين الأحبَّة البَاغون للبرآء العَيْب".

النمام هو إنسان ذو وجهين يقابل كل من يعاملهم بوجه، فهو كالحرباء يتلون بحسب الموقف الذي يريده وقد حذر النبي من أمثال هؤلاء فقال: ((تجد من شر الناس يوم القيامة، عند الله، ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه))
فالمسلم الصادق أيها الإخوة: له وجه واحد حيثما كان وله لسان واحد لا ينطق إلا بما يرضي ربه عز وجل.

ومن أمثلة النميمة:
كأن تقول: قال فلان فيك كذا وكذا وهو يكرهك ولا يحبك وسواء كان هذا الكلام بالقول أو بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء، إلى غير ذلك من الكلام غير الصحيح أحيانا وإن كان صحيحا لا يجوز أيضا نقله لأن هذا من النميمة ومن هتك الستر عما يكره كشفه، ومن نمّ لك نمّ عليك كما قيل.

الأمور التي تساعد على النميمة:
إن مما يدفع الناس إلى النميمة بواعث خفية منها:
1- جهل البعض بحرمة النميمة وأنها من كبائر الذنوب وأنها تؤدي إلى شر مستطير وتفرق بين الأحبة.
2- ما في النفس من غل وحسد.
3- مسايرة الجلساء ومجاملتهم والتقرب إليهم وإرادة إيقاع السوء على من ينم عليه.
4- أراد التصنع ومعرفة الأسرار والتفرس في أحوال الناس فينم عن فلان ويهتك ستر فلان.


علاج النَّميمة:
يكون بتوعية النمَّام بخُطورة النميمة، بمثل ما سبق من الآيات والأحاديث والحكم، والتنفير منها بأنها صِفَة امرأة لوط، التي كانت تَدُل الفاسقين على الفجور، فعذَّبها الله كما عذَّبهم.

واجب السامع عدمُ تصْديق النَّميمة؛ لأنَّ النمَّام فاسق والفاسق مردود الشهادة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (سورة الحجرات:6) كذلك يجب عليه أنْ يَنْصَحَهُ قِيامًا بالأمر بالمعروف والنهْي عن المنكر، وأن يَبْغضه لوجه الله؛ لأنه مبغوض من الله والناس، وألا يَظن سوءًا بمَن نَقل عنه الكلام، فالله يقول: (يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ( سورة الحجرات )
أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، بل هذا كثير وغالب في العادة وفي الحديث المتفق على صحته قال عليه الصلاة والسلام: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ))

قال الإمام الشافعي: إذا أراد الكلام فعليه أن يفكّر قبل كلامه فإن ظهرت المصلحة تكلم وإن شك لم يتكلم حتى يظهر.

ماذا يفعل الشخص اللذي به صفة النميمة والعياذ بالله ؟ وكيف يتخلص منها؟

أن يشغل لسانه ومجلسه بذكر الله وبما ينفع ويتذكر أمورا:

أولا: أنه متعرض لسخط الله ومقته وعقابه.

ثانيا: أن يستشعر عظيم إفساده للقلوب وخطر وشايته في تفّرق الأحبة وهدم البيوت.

ثالثا: أن يتذكر الآيات والأحاديث الواردة وعليه أن يحبس لسانه.

رابعا: عليه إشاعة المحبة بين المسلمين وذكر محاسنهم.

خامسا: أن يعلم أنه إن حفظ لسانه كان ذلك سببا في دخوله الجنة.

سادسا: أن من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته وفضحه ولو في جوف بيته.

سابعا: عليه بالرفقة الصالحة التي تدله على الخير وتكون مجالسهم مجالس خير وذكر.

ثامنا: ليوقن أن من يتحدث فيهم وينمّ عنهم اليوم هم خصماؤه يوم القيامة.

تاسعا: أن يتذكر الموت وقصر الدنيا وقرب الأجل وسرعة الانتقال إلى الدار الآخرة .

قصة في النميمة :
أن رجلا باع غلاما عنده فقال للمشتري: ليس فيه عيب إلا أنه نمام، فاستخفّه المشتري فاشتراه على ذلك العيب فمكث الغلام عنده أياما ثم قال لزوجة مولاه: إن زوجك لا يحبك وهو يريد أن يتسرى عليك، أفتريدين أن يعطف عليك؟ قالت: نعم، قال لها: خذي الموس واحلقي شعرات من باطن لحيته إذا نام، ثم جاء إلى الزوج، وقال: إن امرأتك اتخذت صاحبا وهي قاتلتك أتريد أن يتبين لك ذلك. قال: نعم، قال: فتناوم لها، فتناوم الرجل، فجاءت امرأته بالموس لتحلق الشعرات، فظن الزوج أنها تريد قتله، فأخذ منها الموس فقتلها، فجاء أولياؤها فقتلوه، وجاء أولياء الرجل ووقع القتال بين الفريقين.


أرأيتم ما تصنع النميمة كيف أودت بحياة رجل وزوجته وأوقعت المقتلة بين أقاربهما هذا صنيع ذي الوجهين دائما.

قال الحافظ: 10/472
وجه الجمع بين الخَصلتين أن البرزخ مُقدمة الآخرة وأول ما يُقضى فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاة ومن حقوق العباد الدماء. ومفتاح الصلاة التطهر من الخَبَث ومفتاح الدماء الغيبة والسعي بين الناس بالنميمة بنشر الفتن التي يُسفك بسببها الدماء.


نسأل الله تنعالى ان يعافينا مما ابتلى به غيرنا وان يحفظنا من سوء ظنونهم القبيحة

ألا لعنة الله عليهم

الاثنين، أبريل 18، 2011

ما بين ابتلاء وابتلاء ... قصة الافك تكرر فى كل زمان ومكان


فى حياة كلا منا مواقف فارقة تؤثر فيه وفى من حوله  تحددها متغيرات وطبيعة علاقته بمن حوله ومن يتفاعل معهم
وما بين تلاقى وتباعد وتنافر وتقارب وشد وجذب وتدافع تقضية ضرورات الحياة ، ننسى اشياءا هامة من مكونات عنصرنا الانسانى وبدونها تنتفى انسانيتنا تماما ونصبح كلانعام بل اضل
وفى زحمة الحياة ومتاهتها التى لا تنتهى 
تقضى حكمة الله سبحانه وتعالى ان يختبر عباده فيبتليهم بالخير تارة وبالشر أخرى، فيزداد المؤمنون إيمانًا على إيمانهم وتعلقًا بالله ولجوءًا إليه-سبحانه وتعالى-، ويصبرون على ما قدَّره الله وقضاه؛ ليتضاعف لهم الأجر والثواب من الله، وليخافوا من سوء عاقبة الذنوب فيكفُّوا عنها، قال الله-سبحانه وتعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة: 155-157]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}[البقرة: 214]، وقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران: 142]، وقال-سبحانه وتعالى-: {الم*أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: 1-3]، وقال تعالى: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ}[العنكبوت: 11]، وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}[الأنبياء: 35].


وكل هذه الآيات يبيِّن الله-سبحانه وتعالى- فيها أنه لا بد أن يبتلي عباده ويمتحنهم كما فعل بالذين من قبلهم من الأمم، فإذا صبروا على هذا الابتلاء وأنابوا إلى الله ورجعوا إليه في كل ما يصيبهم عند ذلك يثيبهم الله رضاه ومغفرته، ويسكنهم جنته، ويعوضهم خيرًا مما فاتهم، وما يحصل في هذا الكون من آيات تهز المشاعر والأبدان كالصواعق، والرياح الشديدة، والفيضانات المهلكة للحرث والنسل، والزلازل، وما يسقط بسببها من شامخ البنيان وكبار الشجر، وما يهلك بسببها من الأنفس والأموال، وما يقع في بعض الأماكن من البراكين التي تتسبب في هلاك ما حولها ودماره، وما يقع من خسوف وكسوف في الشمس والقمر، ونحو ذلك مما يبتلي الله به عباده هو تخويف منه-سبحانه وتعالى-، وتحذير لعباده من التمادي في الطغيان، وحثٌ لهم على الرجوع والإنابة إليه، واختبار لمدى صبرهم على قضاء الله وقدره، ولعذاب الآخرة أكبر ولأمر الله أعظم.


فالمؤمنون لابد لهم من الإبتلاء في هذه الدنيا، لأنهم مؤمنون، قبل أن يكونوا شيئاً آخر، فهذا خاص بهم، (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) .

ما يقع على المؤمنين من البلاء والمصائب في الدنيا، فهو بما كسبت أيديهم من جهة، وبحسب منازلهم عند الله في الدار الآخرة من جهة ثانية.
فمنهم من يجزى بكل ما اكتسب من الذنوب في هذه الدنيا، حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه خطيئة.
وهذا أرفع منـزلة ممن يلقى الله بذنوبه وخطاياه، ولهذا اشتد البلاء على الأنبياء فالصالحين فالأمثل فالأمثل؛ لأنهم أكرم على الله من غيرهم.
ومن كان دون ذلك فجزاؤه بما كسبت يداه في هذه الدنيا بحسب حاله.

  ورحم الله من قال:ـ

جزى الله الشدائد كل خير          وإن كانت تغصصني بِريقي

وما شكري لها إلا لأني            عرفت بها عدوي من صدي

إن تعامل العباد مع المصائب بعد وقوعها على حالات وانراع  فإما أن يخسر العبد آخرته بعد سقوطه في امتحان الدنيا وإما أن يصبر على مصيبته فيؤجر ومن من يرضى بها فيغنم والأفضل من ذلك كله من يشكر على المصيبة إذ أنها تهيئ له بابا من أبواب الأجر والثواب حتى وإن كان ظاهرها الأذى والمشقة

إن مما يعين على النجاح في إمتحان الابتلاء في الدنيا العلم أن عدم الصبر وعدم الرضا لن يرد شيئا من المصيبة بل إن المصيبة ستقع وسيخسر معها الذي لا يصبر أجره في الآخرة وعون الله له في الدنيا كما أن الله سبحانه وتعالى مهما بلغت مصيبة العبد التي ينزلها  عليه فإن فيها لطف منه جل جلاله وكما قال ذلك الصحابي الذي بترت ساقه ومات أحد أبنائه مرة واحدة فقال الحمد لله فإن أخذ طرفا فقد أبقى أطرافا وإن أخذ ولدا فقد أبقى أولادا فانظر يا عبد الله إلى نعم الله التي حولك حتى وإن وقعت بك المصيبة فإن الله لطيف بك ويمن معك . فاللهم يا ذا المن والعطاء أسبغ علينا نعمك في الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين .

ولهذا نسال الله تعالى ان يلهمنا الصبر على كل ابتلاء ومحنة نمر بها وان نسأله ان يعافينا مما ابتلانا به
ولان الابتلاء هذه المرة اشد مما سبق ولانه يتعلق باناس ةاشخاص اعزاء الى قلبى وقد ماتوا وذهبوا الى دار الحق والله اعلم بحالهم ، وقد نهشوهم واغتابوهم بما ليس فيهم اناسا غير مسؤولين لا يرعون فى الله حقا ومن دون تحرى او تحقق وقد نسوا قوله تعالى .
 ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين  ( 6 ) )
نسوا امر الله تعالى ( بعد ان صدعوا رؤوسنا بقال الله وقال الرسول وكانوا هم اكثر من قال ولم يلعم بما يقول ومن قال ولم يفعل بما يقول ) نطقوا بكلماتهم السامة القاتله الماكرة الخبيثة التى لا يمكن الا ان تصدر من نفوس مريضة وقلوب ران عليها وبدون تحرى او تبين كما امرنا الله تعالى .
ولما لا وهم سباقون الى سوء الظن اكلت ظنونهم السيئة قلوبهم المريضة ودائما يرون ان الحق هو ما صادف هوى فى انفسهم ، يسارعون الى التبرير والادعاء والمجادلة ولا يعودون الى الحق حتى لو تبين لهم
{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } البقرة171
انهم ينعقون كنعيق الغراب بما لا يعلمون ولا يعقلون ولو انهم ارادوا الحقيقة لما سارعوا بنشر الاشاعات المغرضة التى تشوه الاحياء والاموات غير مدركين لخطورة ما فعلوا ولا لخطورة الكلمة التى نطقوا بها فهم صم عن سماع الحق،
وقد أعمى الله أبصارهم وبصائرهم، فلا ينظرون نظر اتعاظ وتدبر، كم من آية تمر بهم، وكم من مشهد يعرض عليهم، فلا يؤمنون، رؤيتهم للأشياء رؤية البهائم. ((أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا)).
إن أشقى الناس: من عطل جوارحه عما خلقت له من الحكمة، فكأنه أصم، خلق بلا سمع، وكأنه أبكم، خلق بلا لسان، وكأنه أعمى، خلق بلا عينين ((لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا)).

غفلوا عن خطورة الكلمة فكانت هينة عليهم ان يتلفظوا بها ولا يعلمون ما بلغت حيث بلغت
نسوا قول الرسول الكريم
(إن العبد ليتكلم بالكلمة من غضب الله لا يظن أن تبلغ ما بلغته تهوي به في النار سبعين خريفاً، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من رضا الله تبارك وتعالى)
هل تحروا هل دققوا او تحققوا ، لا وكيف لهم ان يفعلوا ذلك ما دام انه من السهل ان يتفوهو بالكلمة ثم لا يلقون لها بالا .
فكانت الكلمة عندهم حركات يؤديها المرء دون شعور بتبعتها ،ولم يعوا إن الإنضباط في الكلمة سمة من سمات المؤمنين الصادقين ،قال الله تعالى:( قد أفلح المؤمنون  الذين هم في صلاتهم خاشعون  والذين هم عن اللغو معرضون ).
(الله يقول عن اللغو معرضون )


لنا عبرة فى قصة الافك ( هنا ) و ( هنا )، فقد قام احد السفهاء وهو عبد الله بن سبأ اليهودى المتأسلم باشاعة الفتنة بين المسلمين عن طريق التشكيك فى شرف ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها وارضاها .
فقام جمع من المسلمين بتناقل سفاهات هذا الاخرق الملعون وتسبب هذا فى ايلام سيدنا وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وزوجته ام المؤمنين عائشة رضى الله عنها  ايما ايلام
لمجرد كلمة !!!
نعم كلمة خرجت من افواه ضال مضل لا يبغى حقا ولا يرعى فى الله الا ولا ذمة ،
كلمة نطق بها سفيه وتناقلتها الالسن من دون وعى او استبيان او تحرى فلوثوا عرض رسول الله بباكاذيبهم وافتراءاتهم البعيدة كل البعد عن الحقيقة
ولو انهم تحروا ودققوا لاستبين لهم الحق ولو طال عليه الزمن .
ها هى قصة الافك تتكرر فى كل زمان مع اختلاف الاشخاص والاماكن الا ان الاسلوب والهدف والخطأ واحد هو هو لم يتغير
الهذا الحد من السهل الخوض فى اعراض الناس الاحياء منهم والاموات .
الهذا الحد بلغ بنا التساهل والاستهزاء .
لنا فى قصة الافك عبرة لمن يعتبر
ولنا فى موقف رسول الله عبرة لمن يعتبر
ولنا فى موقف الشريفة ابنة الشريف زوجة الشريف السيدة عائشة رضى الله عنها عبرة لمن يعتبر
فهل من معتبر
اشك فى ذلك
لماذا
لان من اختار ان يختبىء كلالفئران فى جحره ليقذف الناس بما ليس فيهم غير مبالى بغضب الله تعالى ولم تكن لدية ادنى ذرة من الشجاعة ان يواجه ويقدم الدلته وبراهينه واسانيده لا يمكن ان يكون الا جبانا غير قابل لان يفهم او يعى .

( قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين )
ولكن هيهات هيهات ليس لديكم برهان لانكم كاذبون
منساقون وراء ظنونكم واوهامكم القبيحة التى تنم عن انكم اصحاب خيال واسع

لكم
ان كنتم فرحتم بما فعلتم فان الديان لا يموت  افعل يابن ام ما يحلوا لك فكما تدين تدان ولسوف يريكم الله فى ذرياتكم على حياة اعينكم

الى من ينساق خلف الشائعات بدون وعى
اعطاك الله عقلا لتفكر وتحلل وتستنج به كرمك الله بهذا العقل واراك قد رفضت تكريم الله لك وضلت ان تكون كلانعام تساق الى حيث يريد سائقها ، بل انتم اضل من الانعام لانها خلقت لهذا ولم تخلق لغير هذا اما انت فقد كرمك الله ورفضت تكريمه فصرت اشر من البهائم .

- رضينا يارب بالابتلاء نصبر ونحسب لا يحزننا من سبنا واغتابنا فهو من دواعى سرورنا فقد اثقل موازين حسناتنا لو يعلم
نسالك الله ان تجرنا فى مصيبتنا وان تخلف علينا خيرا منها .

وابشروا فان موعدنا يوم الفصل
يوم لا ينفع فيه الندم ولا ينفع فيه مال ولا بنون الا من اتى ربه بقلب سليم
موعدنا الساعة
تحسبونها بعيده ؟؟
الله يراها قريبه
( ان يوم الفصل كان ميقاتا ) وقد رضيت بالله حكما
نسأل الله ان يعاملنا بفضله وبما هو اهل له لا بما نحن اهل له