الخميس، يناير 28، 2010

خلق الامانة

الامانة هى خلق اصيل واساسى من اخلاق المسلمين ، من اتصف بها نال خيرى الدنيا والاخرة باذن الله ولا يضره من خالفه ، ومن تركها كان اشر الناس لا ينافسه فى ذلك احد ، الا كافر او ملحد ، وهى من ضروريات المروءة وتمام الاخلاق الكريمة وموجبات البعد عن النفاق ،وهى احدى ثلاث خصال تبنى عليها شخصية الانسان الصالح والمؤمن الحق ( الصدق ، الامانة ، الوفاء ) ونجد هنا ان الامانة تتوسط هذه الثلاث خصال ، وهم متترابطين مع بعضهما البعض ، فمن اتصف بواحدة كان لزاما ان يكون متصفا بلاخرين ، ومن ترك واحده فقد تركهم جميعا ، فمن كان صادقا فى اقواله وافعاله كان امينا فى اقواله وافعاله ، وكان وفيا ايضا فى اقواله وافعاله.. فالثلاث خصال هم اساس الحكم على الانسان وهم اصل مكارم الاخلاق ، والثلاثة يؤديان نفس المعنى ( فالصدق امانة ووفاء والامانة صدق ووفاء والوفاء صدق وامانة ).
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( اية المنافق ثلاث : اذا حدث كذب ، واذا وعد اخلف ،واذا اؤتمن خان ) .

وحديثى المتواضع فى هذا البوست انما يركز على خلق الامانة ، هذا لانى وجدت مناسبة عجيبة لهذا ، الا وهى اننى وجدت ثلاثة من انبياء الله من الذين قد مكنهم الله فى الارض من بعد عناء وشقاء وهم ثقيل ، قد كانت الامانة قاسما مشتركا بينهم ( وكل الانبياء والرسل امناء ) الا ان هؤلاء الثلاثة كانت الامانة متاصلة فيهم لدرجة انها صارت ملازمة لهم وكانت من اهم اسباب تمكينهم فى الارض .

والانبياء الثلاثه هم ( سيدنا يوسف بن يعقوب عليهما السلام ، سيدنا موسى بن آل عمران عليه السلام ، سيدنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام ) اثنان منهم من اولى العزم ، وهم سيدنا محمد وسيدنا موسى ، اما سيدنا يوسف فبرغم ما لاقاه من ظلم وافتراء وعناء منذ نعومة اظافره الا انه لم يكن من اولى العزم من الانبياء والرسل ..

وبداية و قبل كل شىء وجب علينا ان نعرف الامانة وانواعها:


الامانة هى:

أداء الحقوق، والمحافظة عليها ، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه ؛ يؤدي حق الله في العبادة ، ويحفظ جوارحه عن
الحرام ، ويرد الودائع… إلخ.

وهي خـُلق جليل من أخلاق الإسلام ، وأساس من أسسه ، فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان ، بينما رفضت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها ، يقول تعالى:

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) 72- الأحزاب

وقد أمرنا الله بأداء الأمانات ، فقال تعالى:
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )– النساء 58
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الأمانة دليلا على إيمان المرء وحسن خلقه، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له ، ولا دين لمن لا عهد له) ( أحمد ).


أنواع الأمانة:


ومنها :-

الأمانة في العبادة:

فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف ، فيؤدي فروض الدين كما ينبغي ، ويحافظ على الصلاة والصيام وبر الوالدين ، وغير ذلك من الفروض التي يجب علينا أن نؤديها بأمانة لله رب العالمين.

واياك وخيانة الله ورسوله
يقول الله عز وجل:{ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله ولرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} الأنفال 27.
كلنا يعلم أن عكس الأمانة هو الخيانة، وكلنا يكره الخيانة ويتأذى منها، وهنا في هذه الآية الكريمة ينهانا الله تبارك وتعالى أن نخون الله..
فما معنى خيانة الله؟ معناها: أن ترك أوامره.. فأوامر الله في أعناقنا، وينهانا الله تبارك وتعالى أيضا ان نخون الرسول صلى الله عليه وسلم.
فما معنى خيانة الرسول؟ معناها أن نعلم سنته ولا نتبعها، ولا ننفذها، ولا ننشرها بين الناس، بل نتركها.

سبحان الله.. ان الأمانة شيء ثقيل فهي ليست هينة.. واني أراك قد لاحظت شيئا وهو تكملة الآية:{ وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}. بالله..!! انها ليست أمانة واحدة، بل امانات كثيرة.


الأمانة في حفظ الجوارح:

وعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها ، ولا يستعملها فيما يغضب الله -سبحانه- ؛ فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن الحرام ، والأذن أمانة يجب عليه أن يجنِّبَها سماع الحرام ، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، والفرج امانة يجب المحافظة عليه من الزنا والخنا …وهكذا.
بل ان شخصيتك وكيانك بالكامل امانه فيجب المحافظة على هذا الكيان من السفه والانزلاق فى الخفة و النزق ووجب الحفاظ عليها بالوقار واعلاء شانها من دون غرور او رياء .

الأمانة في الودائع:

ومن الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي ، مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين ، فقد كانوا يتركون ودائعهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليحفظها لهم ؛ فقد عُرِفَ الرسول صلى الله عليه وسلم بصدقه وأمانته بين أهل مكة ، فكانوا يلقبونه قبل البعثة بالصادق الأمين ، وحينما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ، ترك علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ليعطي المشركين الودائع والأمانات التي تركوها عنده.

الأمانة في العمل:

ومن الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة ، والطالب يؤدي ما عليه من واجبات ، ويجتهد في تحصيل علومه ودراسته ، ويخفف عن والديه الأعباء ، وهكذا يؤدي كل امرئٍ واجبه بجد واجتهاد.



الأمانة في الكلام:

ومن الأمانة أن يلتزم المسلم بالكلمة الجادة ، فيعرف قدر الكلمة وأهميتها ؛ فالكلمة قد تُدخل صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى ، كما قال الله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء ) 24 - إبراهيم
وقد ينطق الإنسان بكلمة الكفر فيصير من أهل النار، وضرب الله -سبحانه- مثلا لهذه الكلمة بالشجرة الخبيثة، فقال:
(وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ) 26- إبراهيم

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الكلمة وأثرها، فقال: (إن الرجل لَيتَكَلَّمُ بالكلمة من رضوان الله ، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) ( مالك ).

والمسلم يتخير الكلام الطيب ويتقرب به إلى الله -سبحانه- ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والكلمة الطيبة صدقة ) ( مسلم ).


المسئولية أمانة:

كل إنسان مسئول عن شيء يعتبر أمانة في عنقه ، سواء أكان حاكمًا أم والدًا أم ابنًا ، وسواء أكان رجلا أم امرأة فهو راعٍ ومسئول عن رعيته ، قال صلى الله عليه وسلم: ( ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها ( زوجها ) وولده وهي مسئولة عنهم ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ( متفق عليه ) .


الأمانة في حفظ الأسرار:

فالمسلم يحفظ سر أخيه ولا يخونه ولا يفشي أسراره ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا حدَّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة ) ( أبو داود والترمذي ).

الأمانة في البيع:

المسلم لا يغِشُّ أحدًا ، ولا يغدر به ولا يخونه ، وقد مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يبيع طعامًا فأدخل يده في كومة الطعام ، فوجده مبلولا ، فقال له: ( ما هذا يا صاحب الطعام؟ ). فقال الرجل: أصابته السماء ( المطر ) يا رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أفلا جعلتَه فوق الطعام حتى يراه الناس؟ من غَشَّ فليس مني ) ( مسلم ).


فضل الأمانة:

عندما يلتزم الناس بالأمانة يتحقق لهم الخير، ويعمهم الحب، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين بحفظهم للأمانة، فقال تعالى:

(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ )32 - النازعات

وفي الآخرة يفوز الأمناء برضا ربهم، وبجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.


واليك هذان الحديثان الشديدان الوطأة

يقول النبي صلى الله عليه وسلم:' ان الله عز وجل اذا أراد أن يهلك عبدا نزع منه الحياء، فاذا نزع منه الحياء لم نلقه الا مقيتا ممقتا، فاذا لم تلقه الا مقيتا ممقتا نزعت منه الأمانة، فاذا نزعت منه الأمانة لم تلقه الا هائنا مخوذنا، فان لم تلقه الا خائنا مخوّنا نزعت منه الرحمة، فاذا نزعت منه الرحمة لم تلقه الا رجيما ملعنا، فاذا لم تلقه الا رجيما ملعنا نزعت منه ربقة الاسلام'. رواه ابن ماجه 4054.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:'لا ايمان لمن لا امانة له'.. انه حديث شديد، يبدو ان احاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمانة شديدة.. قوية.. حقا ان الموضوع خطير.. فما معنى:' لا ايمان' هل المقصود أنه أصبح غير مؤمن تماما؟ المقصود منها هو عدم اكتمال الايمان.. فمن كان خائنا فلن يكون ايمانه كاملا.. مهما كان كان خاشعا في صلاته، حتى لو ادى فريضة الحج، ما دام خائنا فلن يكتمل ايمانهن وتكملة الحديث:' لا ايمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له'. رواه الامام أحمد 3\135 و 3\210.

واسمع لهذا ايضا
جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله متى الساعة؟فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:' اذا ضيّعت الأمانة فانتظر الساعة' فقال رجل: وما ضياعها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:' اذا وسّد الأمر الى غير اهله، فانتظر الساعة' رواه البخاري 59

واسمع الى قوله تعالى :

قال تعالى :{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.

 قال تعالى:{ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ }.

عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب ) رواه أحمد.

.............................................................................................................................



الأمانة من أخلاق الأنبياء:

والامانة هى من اخلاق الانبياء اجمعين لا يشذ عنها احد منهم مطلقا
 قال تعالى على لسان كل من الأنبياء نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام :{ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}.

ولكن هناك ثلاثة انبياء شد انتباهى وانا اقرا القران الكريم ان الامانة معهم قد اقترنت بالتمكين فى الارض ورفعة الشان والنصرة بعد مظنة الغلبة .

وهم  سيدنا يوسف
( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ( 54 ) قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ( 55 )

 سيدنا موسى

قال تعالى على لسان ابنة شعيب في حق موسى عليه السلام :{ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.


سيدنا محمد

{ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}.



..................................................................................................................................



سيدنا يوسف

كلنا يعرف قصة يوسف مع (زليخة) زوجة عزيز (وزير ) مصر الفرعونية وكيف انها قد مكرت به بعد ان عرضت نفسها عليه مرات ومرات فكان يابى خوفا من الله وطمعا فيما عند الله ، تخيلوا معى يا شباب امة محمد ، انت فى عنفوان شبابك وامراة فائقة الجمال تتزين لك وتغلق الابواب عليك وعليها فلا احد معكم وتعرض نفسها عليك والاجواء كلها مهيأة ، فماذا انت فاعل ؟؟
هل تؤدى الامانة التى حملها لك الله ، ام ان الشهوة تعمى عينيك عن الحق وتطبع على قلبك وتطغى على تصرفك ؟؟.
انظروا ماذا فعل سيدنا يوسف عليه السلام : لقد ابى ورفض وقاوم ، حتى انها هى التى كانت تشدة من قميصة حتى( قد) فى يديها .
وكان جزاؤه ان مكرت به حتى تسببت فى ادخاله السجن لميكث فيه سنين عدة ظلما وقهرا وعدوانا .
ثم يفعل الله امرا كان مفعولا ، ويصير يوسف ( الصديق ) وزيرا لمصر ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين )

والحقيقة انه من قصة يوسف يتضح لنا انه لابد من التمكين ان يتحلى المرء من مجموعة مهارات وصفات ، وهى التى حددها الله تعالى فى سياق سورة يوسف ( التى هى من احب سور القران الى قلبى ) ( الصدق ، الصبر، العلم ، الحكمة) فيوسف وصف بانه صديق ( يوسف ايها الصديق ) ثم وصف بانه حكيم عليم ( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلني على خزائن ا?رض إني حفيظ عليم وكذلك مكنا ليوسف في ا?رض يتبوأ منها ).
الله سبحانه وتعالى يريد ان يعلمنا درسا من خلال قصة يوسف ، فاذا كانت الامانة اساا لتعاملات المسلم ، فانها وحدها لا تكفى اذ انه من الضرورى الاخذ باسباب التمكين من العلم والتعلم ، برغم ان الامانة كانت سببا اصيلا فى تمكين يوسف عليه السلام .
وهكذا مكن الله ليوسف فى الارض بعد ان كان فى عداد الضائعين .

....................................................................................................................



اما موسى عليه السلام :

فايضا كلنا يعرف قصته ، فقد كان من بنى اسرائيل ايضا ، وبعيدا عن التفاصيل فقد مكر به رجلا من بنى جلدته فاوقعه فى ورطة كانت سببا بان يخرج موسى من مصر هربا من القتل ، فاستقر به الحال الى بلاد مدين شمال شبهة الجزيرة العربية ، حيث التقى ( فتاتين ) كانتا لا تسقيان حتى يذهب القوم ، ( وبعيدا عن التفاصيل كما قلت حيث ان المقام لا يتسع ، فقصة موسى عليه السلام لهى من الدروس التى يجب على شباب وفتيات الامة ان يعوها جيدا ويتعلموها جيدا ويستخلصوا منها العبر والعظات) ولربما خصصت مقالا خاصا بقصة موسى عليه السلام مع هاتين الفتاتين .
ما حدث من موسى كان فى منتهى الروعة فهو بعد ان سقى لها مستفيدا من قوته التى وهبها الله له . ذهبتا لوالدهما ( سيدنا شعيب عليه السلام) فتعجب من وفادتهما مبكرا على غير عادتهما ، فاخبرتاه بما كان ، فامراحداهن ان تذهب  اليه وتصطحبه عليه حتى يرد له جميل صنيعه . فلما اتت عليه احداهن وافق موسى دون تردد ، وسارت امامه حتى تدله على الطريق ، فهبت نفحة من ريح فكشفت عن ساقيها ، فاستوقفها موسى ( وهنا تجلت اسمى معانى الامانة ) فهى فتاه شابة وهو فتى شاب ، فى الصحراء لايراهم احد ولا يصطحبهم احد فماذا فعل موسى :

قال لها انا اسير امامك وعندما تريدين ان انحرف يمينا القى بحجر الى اليمن واذا اردتى ان انحرف يسارا القى بحجرا الى اليسار وهكذا .
فتعجبت الفتاه من امانته وكرم اخلاقة لذا ارادته لنفسها ، فقالت بكل حياء الانثى لابيها الشيخ الضرير ( سيدنا شعيب ) الذى فهم ما تعنيه ابنته فى الحال ( يا ابت استاجره ان خير من استاجرت القوى الامين ) فقد خطبته الفتاه لنفسها وطلبت بمنتهى الفطنة والكياسة من ابيها ان يتصرف ، وقد حددت الفتاه الاسباب ( القوة ، والامانة ) فلقد عرفت الفتاه ان مثل هذا الشخص لا يضيع عنده حق احد ولن تذل عنده مهما حدث . وهكذا مكن الله لموسى فى الارض ، فبعد ان كان غريبا صار منهم وبعد ان كان شريدا صار له اهل ، ومكث بينهم حتى عشر سنين ( صفة الصبر على البلاء والفراق والاغتراب) حتى عاد بعد ان محصه الله وقى عزمه كما قوى بدنة .

ومن قصة يوسف وقصة موسى يتجلى لنا ان اهم واخلص انواع الامانات هى التى تكون فى الاعراض .فاذا خان احدهم امانة العرض كان سهلا عليه ان يخون اى امانة اخرى .



..........................................................................................................................



سيدنا محمد



حدث ولا حرج ، فهو الصادق المين مما لا شك فيه ولا ريب وكانت امانته فى تجارة السيدة خديجة ايضا سببا لان تخطبه لنفسها ، فلقد علمت مروءته من امانته ، وامانته وصدقة هما اللذان استهل بهما جهرة بالدعوة فى اهل قريش .



والكلام عن امانة الرسول المصطفى يطول ، وانما وجدت ان هناك قاسما مشتركا بين هؤلاء الانبياء الثلاثة ، ان الامانة قد اقترنت معهم بالصدق والوفاء ، ومع الصبر والحكمة ادى هذا المزيج الى التمكين فى الارض من بعد الغلبة والقهر .



{ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ}.



وعرفنا بعد هذا العرض المجز المتواضع ان الامانة والصدق صنوان لا يفترقان فهما متوازيان كشريط السكة الحديد تماما



.....................................................................................................................

وبعد هذا العرض المتواضع


هل لديك انواع اخرى للامانة ؟


كيف تطبق هذا الخلق في حياتك ؟


كيف تقوم بنشر هذا الخلق بين المسلمين ؟


كيف تقوم بالتعريف بهذا الخلق لغير المسلمين ؟