الأحد، أغسطس 03، 2008

ممر التنمية المصري.. حلم الباز المتجدد

حازم يونس

د. الباز ومسئولو جمعية حق المواطن خلال الندوة
كعادته لم يتخلَّ العالم المصري د.فاروق الباز عن الابتسامة والأمل.. قال: سأظل أعرض مشروع ممر التنمية الموازي على كل حكومات مصر إلى أن أجد حكومة تستجيب، وإن لم أجد فقد أرضيت ضميري وأديت واجبي تجاه وطني، وهذا هو هدفي.
كان ذلك هو رد د.الباز على الكثيرين الذين سألوه في الندوة التي نظمتها جمعية حقوق المواطن بنقابة الصحفيين المصريين يوم 28 نوفمبر 2006 حول إصراره على هذا المشروع الذي يعرضه منذ 1982 دون أن يجد استجابة.
وعلى الرغم من أن الكثيرين حاولوا استدراجه للرد على منتقدي المشروع، وعلى رأسهم عالم الجيولوجيا د.رشدي سعيد الذي قال: إنه ليس بالإمكان ضخ عشرة مليارات من الأمتار المكعبة من المياه الجوفية سنويا لري مليون فدان مقترحة في هذا المشروع، فإن د.الباز كان حريصا على ألا يخوض في هذا الأمر، فركز على فكرة مشروعه الذي اعتبره حلا أمثل للخروج من الوادي الضيق، خاصة مع تزايد عدد سكان مصر، والذي وصل الآن إلى 75 مليون نسمة.
ممر موازٍ و12 فرعا
وبدأ أولا بشرح فكرة المشروع التي هي ببساطة إقامة ممر عرضي للتنمية، يتوازى مع وادي النيل ويرتبط معه بأفرع، وهو ما يشكل ما يسمى بسلم التنمية.

رسم يوضح ممر التنمية والطرق الفرعية هذا الممر يكون فيه طريق مواصلات سريع مقام بالمواصفات العالمية، يتكون من ‏8‏ ممرات‏(4‏ على كل جانب‏)،‏ وبجانبه طريق سكة حديد جديد للسير السريع‏، وخط مياه أو أنبوب مياه قطره نحو‏1.6‏ متر بطول‏800‏ كيلومتر لنقل المياه من بحيرة ناصر "إحدى البحيرات جنوب مصر" إلى منطقة العلمين‏،‏ وبجانب أنبوب المياه نقيم خطا للكهرباء‏، وبذلك نوفر كل المقومات الرئيسية للحياة.
ويتفرع من هذا الممر أو الشارع التنموي‏12‏ طريقا فرعيا عرضيا، كل منها في مكان تم اختياره بعناية ولأسباب قوية، فمثلا فرع العلمين-الإسكندرية نقترح أن يقام ميناء جديد في العلمين بدلا من ميناء الإسكندرية الذي أصبح متهالكا؛ لأن حركة تيارات البحر في العلمين أنسب منها في الإسكندرية، وفي ميناء العلمين تصلنا البضائع من الخارج، وخلال‏3‏ ساعات فقط يمكن أن تصل إلى القاهرة.
وفرع طنطا "إحدى محافظات وسط الدلتا" وجدنا أن طنطا هي البلد الوحيد في وسط الدلتا الذي به شوارع تتصل بكل الدلتا، ولذلك تم اختيارها لربط الدلتا كلها بالوادي الجديد المنتظر.
أما الفرع المقترح بالنسبة للقاهرة فسيساعدنا في إيجاد طريق يتصل بالسويس، يمكن منه نقل أي بضائع مقبلة من البحر المتوسط إلى السويس‏،‏ ومنها إلى منطقة البحر الأحمر، أي أننا بهذا الوضع سنقيم ممرا جديدا للمواصلات مساعدا لقناة السويس.
وتوجد فروع أخرى للفيوم والواحات البحرية والمنيا وأسيوط وقنا وأسوان والأقصر وكوم أمبو وأبو سمبل، كل منها له فائدة.
خمس مزايا رئيسية
وعن المزايا التي سيحققها مشروعه قال د.الباز: إنه سيوفر خمس مزايا، وهي:

صورة توضح الطريق الفرعي الذي يربط مدينة طنطا بممر التعمير أولا: سيفتح مجالا لبناء مدن وقرى جديدة في مراكز التكدس السكاني المقترحة،‏ وبذلك نستطيع وقف التعدي على الأراضي الزراعية كليا، حيث ستكون في موازاة كل مدينة كبرى مدينة أخرى قريبة ومتصلة بها تماما.
ثانيا: سيفتح مجالا أكبر للزراعة، فهناك ثلاثة أماكن كبرى صالحة للزراعة فعلا، وبلا أي جهد للاستصلاح‏، الأولى موجودة بطنطا، والثانية المجاورة لقنا "إحدى المحافظات بجنوب مصر"، والثالثة عند كوم أمبو "إحدى المدن بجنوب مصر" وإذا أضفنا إليها منطقة توشكي تصبح لدينا أربعة أماكن زراعية ضخمة تزيد على ‏1.7‏ مليون فدان‏.‏ثالثا: سيفتح آفاقا واسعة للسياحة،‏ فهناك في الأقصر "إحدى مدن جنوب مصر" فرصة عظيمة لأن تصبح أفضل مكان سياحي في العالم‏، فالمشروع يقدم طريقا إلى وادي الملكات والملوك بالأقصر، يمر فوق الهضبة وليس تحتها، ويمكن أن تقام عليه سلسلة من الفنادق العالمية‏، ويستطيع السائح أن يشاهد من غرفته كل معالم الأقصر السياحية، فضلا عن أنه يستطيع الوصول إليها في‏20‏ دقيقة فقط من الفندق، كما توجد‏ منطقة الفيوم حول بحيرة قارون، ويمكن استثمارها سياحيا بشكل غير مسبوق‏.‏
رابعا‏:‏ التوسع الصناعي دون تلويث البيئة‏، فمثلا مصنع الألمنيوم في نجع حمادي‏،‏ نحن نجلب له الخامات من أسوان "إحدى مدن جنوب مصر"، وفي الطريق الطويل بين المدينتين تحدث مشاكل كثيرة بيئية، فيمكننا أن نخلص المدن الكبرى من أزمة إقامة المصانع فيها‏.‏خامسا‏‏ وهو الأهم: إيجاد فرص العمل، وزرع الأمل في المستقبل لدى الشباب‏، فالمشروع سيوفر نحو‏500‏ ألف فرصة عمل في لحظة البدء في المشروع على الأقل، فما بالنا بالفرص المتوقعة الضخمة مع المضي قدما فيه!
24 مليارا تكلفة المشروع
ولتنفيذ هذا المشروع أشار د.الباز إلى أن الحكومة المصرية لن تقدر على تكلفته الآن، فوقت أن اقترحته عام 1982 كانت تكلفته 6مليارات جنيه، والآن تصل تكلفته إلى 24 مليار جنيه، ولكن المطلوب من الحكومة أن تعلن تبنيها له، وتدعو القطاع الخاص والمستثمرين العرب والأجانب لتنفيذه.
وهذا أمر ليس بالصعب، فقد تمكنت الإمارات من جمع نحو‏40‏ مليار دولار لبناء مدينة ستسميها "مدينة العرب" فور الإعلان عنها، فهل من الصعب علينا تدبير‏24‏ مليار دولار لمشروع بهذه الضخامة؟!
التجربة الماليزية نموذجا
وعن أسباب عدم تنفيذ مشروعه حتى الآن قال د.الباز: إن مشكلتنا أننا لا نثق في البحث العلمي، ومدى قدرته على تحسين وضع المجتمع، رغم أن هناك دولا صنعت نفسها بالبحث العلمي.
وضرب -مثلا- بدولة ماليزيا التي نجحت خلال عشر سنوات أن تبني نفسها من خلال توجيه كل ميزانية الدولة للبحث العلمي، في الوقت الذي لا تزال فيه ميزانية البحث العلمي عندنا لا تتعدى نصف بالمائة.
أسئلة بطعم السياسة
ومع حرص د.الباز على عدم التطرق للسياسة بناء على اتفاق، دائما ما يقول: إنه أبرمه مع أخيه د.أسامة الباز المستشار السياسي للرئيس المصري مبارك، وينص على ألا يتحدث شقيقه عن العلم، ولا يتحدث هو في السياسة.
إلا أن الحضور حاولوا في ختام الندوة استفزازه بسؤالين لهما مضمون سياسي: الأول كان رده عليه دبلوماسيا، حيث سئل عن أسباب عدم استعانته بشقيقه أسامة الباز لمساعدته في تنفيذ مشروعه، خاصة أنه قريب من مؤسسة الرئاسة، فقال: أنا لا أسعى إلى مجد شخصي، فمشروعي صار معروفا لدى الجميع، ومن يرد الاستفادة فأنا جاهز للمعاونة.
أما الثاني فكان رده عليه صريحا، عندما سئل عن أسباب عدم زيارته لإسرائيل رغم أن الدعوة وجهت له أكثر من مرة، فأكد أنه لن يزور إسرائيل إلا إذا انتهت مشكلة القضية الفلسطينية.
محرر بصفحة نماء، ويمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني للنطاق namaa@iolteam.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق